رقدت السيدة والدة الإلـه في الـرب رقاد السلام لأنها عاشت في سلامِ َمـن كان ابنـها وربهـا في آن. ولكونها كانت دائما 'تحفظ كلمة الـرب وتتأمـلها في قلبـها' (لـوقا 2: 19) انتقلت اليـه انتقالا عجيبا ومثـلـه لم يـذق جسدها الفساد وصارت في المجد الإلهي اعلى مـن الـمـلائكـة.
ماذا نتعـلم من سرها وسرها في انها كانت عـذراء وأما معا؟ ماذا تقتبس منـها الفتاة؟ انها تأخذ منـها ان الطهارة امومـة حقيقيـة اي عطاء روحي. ذلـك ان من كانت روحه معطـاء يلد الآخرين، ينجب روحيا وجسده لم ينجب بعد. ماذا تتعـلم الأم؟ تتعـلم ان تكـون أما طاهرة فإن الجسد ان كان مجرد جنس يـلد اولادا ولكن يكـون عاقرا من زاويـة روحيـة. إن إيـلاد الاولاد اذا لم تتبعـه تربيـة صالحـة يكون كإيلاد الحيـوان او كإيـلاد الـزهر، شيئا تافها. اما الإنجاب الـمـقرون بالـمـحـبـة لـلـزوج وللاولاد فهو عطاء روحي. الأمـومـة كـلها في تنقية ابنائنا وبناتنـا بعد ولادتهم. الـمـهم ان نرعاهم بالانتباه والخدمة، بالتـهذيب المستمر الذي يحوّلـهم الى ابناء لله 'الذين ليس من لحم ودم ولكن من الله وُلـدوا' (يـوحنا 1 :13). الأمومـة خدمـة في الحضانـة، في الـمـرافقـة، وكذلك الأبـوة. والـلـه يستخدم الحب البشري الذي يجمع بين الـرجل والـمـرأة لا ليقـف الحب عند حدوده ولكن ليصيـر ينبوعا لـلعطاء الدائم، ليرتـقي بصاحبـه والآخرين الى رؤيـة المسيح والى التشبه بالمسيـح. فالحب اذا انغـلق على نفسه وبقي مجرد شهـوة، هوى لاهبا، مصدر موت روحي. الجسد الذي يبقى جسدا مكان لـلكآبـة، للانفصال. الجسد لا يتحد بالجسد بل القـلب بالقـلب. والقلب الذي انسكب فيه الروح القدس هو الذي يدخل الى قـلب آخر ويجعـله عظيما. فالمسيـح اذا كان فيك وكان في زوجتـك مسيـح واحد. اذ ذاك فقط انت واياها واحد. 'يترك الانسان ابـاه وامه ويلـزم امرأتـه فيكـونـان كلاهـما جسدا واحدا' (تكـوين2: 24). فاذا بقي الانسان في أنانيتـه، في غيرتـه وعلى غضبـه لا يصير مع رفيقـه كيانا واحدا. يظـلان شخصين منـفصلين حتى العـداوة، متراكمين تحت سقـف واحد. يكون كل منـهما مفارقا للآخر ولو شوهدا في بيت واحد.
غير ان مريـم ليست فقط نمـوذجا لـلـفتاة الخصبـة روحيا وليست فقط مثالا لـلـزوجـة العــفـيـفـة ولكنـها مثـال لكـل انسان. مريـم صورة عـن كـل انسان طـاهـر عـزبـا كان ام متزوجا. كل انسان عذري هـو مـريـم لأن المسيــح يتـولـد فيـه وينطـلـق لـلعـالـم. الانسـان النـقي هـو مـن لا يتقبـل في ذاتـه الا الـزرع الإلـهـي. انـه لا يقبـل كـلمـة لا تـوافـق الكـلـمـة الإلـهيـة، لا يقوم بنشاط يشـلّـه عـن النشاط الروحي، لا يـولي شؤون الأرض اهـتـمـاما اكثر ممـا يـولـي الكنيسـة اهتـمـاما.
هـؤلاء الـذين يعـطـون انفسهم لقضيـة لا مسيـح فيـها او منـاقضة لـلمسيـح ليسـوا مـريميين، ليسوا عـذريين. انهم قد اقتبلـوا في داخـلهم دنس العـالم. هؤلاء لا يجـلسون في السمـاء، ونحن سماويـون ولو كنـا في الأرض.
أن تكـون انسانا روحيـا لا يعـني انك تقضي كل نهارك في العبادة ولكـن ان يكـون قـلبـك مشغـوفا بالرب. فلـك ان تكون عالـمـا او صناعيـا او تاجرا او جنـديـا ولكن تتعـاطى مهنتـك وحياتـك العائـليـة كمسيحي. ان 'تطـلب ملكـوت الـلـه وبـره اولاً'(متى6: 36) وفيـما انت في اشيائـك تكـون مرتبـطا بالسيـد. هكذا ان رقدت في المسيـح بعد طوافـك الأرضي تلتحـق بـه في الـمـلكوت. ان وجدت يسوع هنا تجده فوق وتجلس مع مريم فـوق الـمـلائكـة.
الأرشمندريت توما (بيطار) رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما - See more at: http://www.mjoa.org/cms/index.php/others/2011-12-29-09-32-16/9853-2014-02-18-15-40-18#sthash.qityfTSQ.dpuf
2014-02-23
هذه الأيّام!
هذه الأيّام!
قال لي محدِّثي: أنا محبَط وحزين! أين الله؟! كأنّه تخلّى عنّا! وحشيّة مَن يكبحها! فوضى أخلاقيّة عارمة! ق....