إنّ النصّ الإنجيليّ يطرح علينا سؤالَين، الأوّل: ما هو الهدف من القوانين والشرائع؟ والثاني: كيف أصنع قريباً؟ وكلا السؤالين يكمن جوابه في سياق النص. هذا الناموسيّ الذي أقبل إلى يسوع قد حفظ الشريعة. وأيّ واحد منّا قد يحفظ الإنجيل عن ظهر قلب، أو حتّى أقوال الآباء القدّيسين، ويمتهن المحاججة، ويأخذ المعرفة غايةً بحدّ ذاتها؛ فتأخذ قلبه وعقله.
أمّا السّامريّ الّذي وَرَدَ ذِكرُهُ في المَثَل، فَنَراه يحمل شريعةً واحدةً هي شريعة 'أَحْبِبِ الرَّبَّ إلهَكَ مِن كُلِّ قلبِكَ، وقريبَكَ كنفسِك'. وشريعتُهُ هذه دُوِّنَتْ في قلبه. فما الإنجيل بالنسبة إليه إلّا حياة، ألم يقل يسوع 'جئت لأعطيكم حياةً لا بل حياةً أفضل'. يؤكّد بولس الرسول أنّه حيث تكون الشريعة تكون الخطيئة، لأن الإنسان عندما يمتلئ من الحرف يقسو قلبُه. بينما المسيح أرادنا أبناء النعمة، وبه أبناء الله، وابن النعمة يحمل قلباً رقيقاً وضميرا حيّاً. فالسامريّ شريعتُه هي شريعة الرّحمة التي بها صنع قريباً.
ورحمتُهُ لم تكن بانتفاخٍ أو بكلامٍ يظهرها به، إنما كانت صامتة وآثارُها تدلّ عليها. بينما الناموسيّ كان يفتخر بحفظه الشريعة، بحفظه 'أحبب الربّ إلهك من كلّ قلبك وقريبك كنفسك'، ولكن هذه الكلمات لم تمسّ قلبه؛ لأنّ قلبه في النهاية لم يكن في الله، وحيث يكون كنزك تكون.
الملكوت هو أن نمتلئ محبّةً، وفي المحبّةِ ليس من شيء لي إنّما لله. فالمحبة غايةٌ وهدف، لأنّي بها أتلمّسُ الله، عساه يسكن فيَّ وأسكن فيه. عندها يصبح الآخر في قلبي، وتصبح الكلمات والقوانين والشرائع، بالنسبة إليّ، لغةً بشريّةً لا أكثر. بينما الشريعة الحقيقيّة الكاملة هي المتأتّية من النعمة الإلهيّةِ الّتي تُنير القلب وتعزّي الانسان وتخرجه من خوف الجوع والحاجة. فهذا الإنسان مكتفٍ بالله الذي منه تأتي كلّ نعمةٍ وكلّ خير: 'الأغنياء افتقروا وجاعوا أمّا الذين يلتمسون الربّ فلا يُعوِزُهُم أيُّ شيء'. لنبتغِ الربّ ونفرح بالآخر الذي هو قريبي وأخي.
الأرشمندريت توما (بيطار) رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما - See more at: http://www.mjoa.org/cms/index.php/others/2011-12-29-09-32-16/9853-2014-02-18-15-40-18#sthash.qityfTSQ.dpuf
2014-02-23
هذه الأيّام!
هذه الأيّام!
قال لي محدِّثي: أنا محبَط وحزين! أين الله؟! كأنّه تخلّى عنّا! وحشيّة مَن يكبحها! فوضى أخلاقيّة عارمة! ق....