ليس الأقوى بقوي دائماً قوّةً تجعله يسود أبداً إذا لم يحوّل قوّته حقّا والطاعة واجباً. ومن هاهنا كان حقّ الأقوى وهو حقّ ينظر إليه ظاهريّاً بضرب من السخرية وإن كان في الواقع قد غدا مبدأ: ولكن لم لا تشرح لنا دائما هذه الكلمة؟
إن القوة لهي قدرة ماديّة. فلست أرى أي أخلاقيّة قد تنتج عن نتائجها. فالخضوع للقوة هو فعل من أفعال الضرورة لا الإرادة، أو هو في الأكثر فعل من أفعال الحصافة. فبأيّ معنى يكون هذا واجباً؟
لنسلّم لحظة بهذا الحق المزعوم. فأقول إنه لا ينتج عنه إلا هراء لا تفسير له. فما أن تغدو القوّة هي التي توجد الحقّ، وتتغير النتيجة بتغيّر السبب، حتى ترث كلّ قوّة تتغلّب على الأولى حقها. وما إن يقدر المرء أن يعصي دون عقاب حتى يقدر على ذلك بصورة شرعية، ومادام الأقوى على صواب دائماّ، فليس للمرء إلا أن يسعى ليكون الأقوى.
أما والحالة هذه فما الحق الذي يذوي حين تبطل القوة؟ فإذا كان لنا أن نطيع بدافع القوة فلسنا نحتاج إلى أن نطيع بدافع الواجب أو المحبة، وإذا لم نحمل بالقوة على الطاعة فليس لنا إليها من تكليف. هكذا إذن نرى أن كلمة الحقّ هذه لا تضيف إلى القوّة شيئاً؛ إنها لا تعني هاهنا شيئا.
'أطيعوا ذوي السلطان'. فإن كان يعني أن: اخضعوا للقوة - وهذا الأمر حسنٌ ولكنه غير مجدٍ- فإني أجيب قائلا إنه لن ينتهك أبداً. فكلّ قدرة إنما هي من الله، وأنا أسلّم بذلك، ولكن يعني أن كلّ داءٍ يكون منه أيضاً؟!.. أفيعني ذلك أنه يحرّم دعوة الطبيب؟ وإن طلع عليّ بعض الصعاليك من ناحية في غابةٍ فهل ينبغي لي أن أعطيه كيس نقودي ، في حين أقدر على إخفاء الكيس.. أأكون بصراحة مجبراً على إعطائه إياه خضوعاً للمبدأ المذكور؟..
لنتفق إذن على أن القوة لا تُوجد الحقّ، وعلى أن ليس للمرء إلا أن يطيع ذوي السلطان الحقّ
بقلم: ألان فينكيلكروت
2013-09-29
المدرسة والتعليم... في عصر العالم الرقمي السائل والآني
المدرسة والتعليم... في عصر العالم الرقمي السائل والآني
بقلم: ألان فينكيلكروت
دعوت في 2007 ال....