صدور أوّل كتابٍ عربيٍّ عن لاهوت البيئة وروحانيّة الطبيعة
صدور أوّل كتابٍ عربيٍّ عن لاهوت البيئة وروحانيّة الطبيعة
مَثل قضيّة البيئة في وطننا العربيّ كمَثَل امرأةٍ سقط ابنها في النهر وبدأ يغرق. فصاحت المرأة: أعطي هذه الجوهرة لمَن ينقذ ابني. فشرع الرجال يتشاجرون على مَن سينزل إلى الماء لينقذ الصبيّ ... وطال وقت شجارهم ...
قد يبدو الزمن غير مناسبٍ لظهور كتابٍ عن البيئة باللغة العربيّة. فالناس مشغولون بمَن سيحكمون الأقطار العربيّة، ولا ينتبهون إلى أنّ الأرض العربيّة تموت بسبب التلوّث البيئيّ، ولن ينال الفائزون بالسلطة سوى أطلال دمار. لهذا السبب أصرّ الأب سامي حلاّق اليسوعيّ على إصدار كتاب أوراق بيئيّة، قراءة في لاهوت البيئة، دار المشرق، بيروت، 2011، ص. 360. فالكتاب ليس تجاهلاً لصراعات المجتمعات العربيّة، بل صرخة تحذيرٍ للدمار المحدق بأراضي الضادّ إذا استمرّ سلوك العائشين عليها بهذا الشكل.
إنّه أوّل كتاب لاهوتٍ يظهر باللغة العربيّة عن موضوع البيئة. فقد صدرت كتيّبات قبله هي بالأحرى ترجمات لمقالاتٍ أجنبيّة أو اقتباسات، ومن بينها كتيّب للمؤلّف نفسه: المسيحيّة والتلوّث البيئيّ، صدر في موسوعة المعرفة المسيحيّة، دار المشرق، بيروت، 2010، ص. 56. وها هو يتحفنا الآن بكتابٍ هو بمثابة مرجعٍ لكلّ مَن يريد البحث في هذا الموضوع سواء كتابيّاً أو فلسفيّاً أو لاهوتيّاً.
ينقسم الكتاب إلى ستّة أبواب، ويسمّيها المؤلّف أوراقاً.
الورقة الأولى تعرض مشكلة البيئة: متى ولِدَت، وأسباب ولادتها، والفكر المسؤول عنها، وجميع الجدالات في شأنها، ولماذا يتّهم كثيرون الديانات التوحيديّة بأنّها سبب التلوّث البيئيّ. هل تعرفون أسباب الاتّهام؟ إذا كنتم لا تعرفون، فهذا سبب أوّل لقراءة الكتاب.
الورقة الثانية تدرس مسؤوليّة الإنسان تجاه البيئة انطلاقاً من الكتاب المقدّس. ويتمّ التركيز على روايات التكوين، وتشريعات العهد الجديد، ومسألة الخلاص والعالم الآتي. مثلاً: هل سيدمّر الله في نهاية الأزمنة الخليقة الّتي صنعها وأحبّها أم سيخلّصها بطريقةٍ غير الدمار؟ سبب ثانٍ لقراءة الكتاب.
الورقة الثالثة تضع أسس دراسة البيئة لاهوتيّاً وفلسفيّاً، فتحدّد مفهوم الزمن، والتاريخ، والسماء والأرض، والعالم المستقبليّ. مثلاً، ماذا نقصد بكلمة أرض: الكرة اليابسة؟ الكرة الأرضيّة؟ الكرة الأرضيّة مع طبقات الجو؟ العالم المخلوق؟ وماذا نقصد بكلمة سماء؟ هل الطبقة الزرقاء فوق رؤوسنا؟ هل العالم اللامرئيّ؟ ولماذا نقول في صلاة الأبانا السموات وبعد بضع كلمات نقول السماء؟ هل السماء مفرد أم جمع؟ سبب ثالث لقراءة الكتاب.
الورقتان الرابعة والخامسة هي صلب الموضوع، لأنّ هاتين الورقتين تحدّدان مكانة الإنسان في الطبيعة: هل هو مالك؟ سيّد؟ وكيل؟ خادم؟ كلّ صفة نطلقها على مكانة الإنسان في الطبيعة تحوي إيجابيّات وسلبيّات يعرضها الكتاب بوضوح، لينتهي (الورقة الخامسة) بعرض ما يتبنّاه المؤلّف، وهو جديد في هذا اللاهوت: عالم الأخوّة. هل هذا يعني أن يكون الإنسان أخاً للحمار والصراصير؟ سبب رابع لقراءة الكتاب.
الورقة السادسة تعرض موقف الأديان الكبرى من البيئة: البوذيّة والهندوسيّة والكونفوشيوسيّة (إن جاز لنا تسميتها ديناً)، ويفرد فصلاً لعرض موقف الإسلام من البيئة لأنّ الإسلام، كما يقول المؤلّف، محبوس مع المسيحيّة في قفص الاتّهام ويُحاكَم بالتهمة نفسها. لماذا؟ سبب خامس لقراءة الكتاب.
إنّ هذا الكتاب يحوي أكثر من مسألة البيئة. فهو يشرح مقاطع كثيرة من الكتاب المقدّس الغريبة أو الغامضة مثل: علاقة يسوع والحيوانات؛ لماذا لا نقول عن يسوع إنّه مخلّص البشر فقط بل نقول مخلّص العالم؟ هل يشمل الخلاص الحشرات حين نقول إنّ المسيح مخلّص العالم، أم إنّ كلمة عالم تنحصر بالإنسان؟ ولماذا يقول بولس الرسول إنّ الخليقة تئنّ بانتظار الخلاص (رومة 8)؟ ومواضيع أخرى في غاية الصعوبة مثل: كيف ستكون نهاية العالم، هل سيحدث دمار أم تحوّل؟ كيف ستصبح الوحوش وديعة؟
كتاب جديد، كتاب قيِّم، كتاب ننصح مَن يحبّ أن ينمّي ثقافته بأن يقرأه.
بقلم: ألان فينكيلكروت
2013-09-29
المدرسة والتعليم... في عصر العالم الرقمي السائل والآني
المدرسة والتعليم... في عصر العالم الرقمي السائل والآني
بقلم: ألان فينكيلكروت
دعوت في 2007 ال....