|
أنت ماسونيّ دونَ أن تدري (حلقة 2) ..العنزة الشاميّة والتيس الماسوني
إنّ أوّلَ درسٍ ماسونيّ يتعلّمهُ الطفلُ اليهوديّ في حياتهِ هو أن لا يثقَ بالآخرين حتّى وإن كانوا من أقربَ المقرّبين إليه ، ويتمّ ذلك بأن يضعهُ والدهُ (على ذمّةِ أمّهِ) على رفٍّ بارتفاعِ مترين تقريباً , ويفتحَ ذراعيهِ منادياً الطفلَ ليلقي بنفسهِ على والدهِ الذي يتراجعُ ليسقط الطفل على الأرض , ويتمّ تكرار العمليّةِ في فتراتٍ زمنيةٍ حتى يحفظ الولدُ الدرسَ .
أمّا نحنُ فنلقي بأطفالنا بأحضانِ الماسونية عن طريق التخلّص من ضجيجهم بإرسالهم ليحضروا أفلام الكرتون على القنوات المختلفة دونَ أن نراقبَ ما يحضرون, وقد عرضت قناة سما الفضائية السورية برنامجاً هاماً عن بعضِ أفلام الكرتون التي تظهرُ فيها الرموزُ الماسونيةُ بشكلٍ خاطف حتى يتعوّدَ الطفلُ عليها وتصبح جزءاً من لاوعيهِ وثقافتهِ , ولكنّ البرنامج لم ينوّه إلى أنّ بعضَ أفلام الكرتون مثل The Simpsons و Family Guy تظهرُ فيها تصرّفاتٌ شاذّة وأقوال بذيئة , وكذلكَ هناكَ بعضُ الأفلامِ الكرتونية أشكال أبطالها مشوّهة تسبّبُ تشوّهاً في القيمِ الجماليةِ عند الطفل , وأفلامٌ أخرى تشجّعُ على العنف بحجّة محاربةِ الأشرار , وأفلامٌ يفوقُ الخيالُ فيها حدود الوصف كأن ترمي ورقةً فيظهرُ وحشٌ أسطوريّ أو يخرجُ بكبسة زرّ من ساعةٍ رقمية , والأخطر من ذلك الأفلام التي تزاوج اللعب بين الواقع الإفتراضي والواقع الحقيقي وتربط بعقل الطفل ولاوعيهِ أنّ ما يواجههُ افتراضياً هو حقيقيّ تماماً , بالإضافة لصناعةِ ألعابٍ لشخصيّات الأبطالِ ليرتبطَ الفكرُ بالمحسوس ناهيكَ عن الرسوم والرموز التي تمثّل جماعات أو توجّهات اجتماعية وأخلاقية فاسدة ومتطرّفة والتي تطبع على ألبسة الأطفال والمراهقين وتقوم شركاتٌ محليّة بتقليدها بشكل أعمى لأسباب تجاريّة ربحيّة , والكارثة أنّه لا بديل وطني ولا اهتمام بهذا الجانب الخطير جداً على الأجيال التي سيخسرها المستقبل إن لم تكن سبب دماره .
كما أنّهُ في إحدى نسخ لعبة GTA الكمبيوترية يظهرُ علمُ إسرائيل مرسوماً على الأرض في إحدى مراحل اللعبة وإذا ربطنا مبدأ اللعبة بإعطاء علامات أكثر للاّعب كلما قتل من الشرطة وسرقَ وفجّرَ وخرّب وربطنا كلّ ذلك ببعض نسخ اللعبة ذاتها التي تمّت ترجمة أماكنها وتسميات الشوارع والمناطق بأسماء مدن سوريّة كمدينة حلب وربط مراحلها بكلمات سريّة تلعب على غريزة المراهق مثل ( حبّ الفتيات ) ليزيد من قوّته وفرص فوزهِ وكلّ ذلك في إطار ذهنيّة العصابات الإجراميّة , عندها نصلُ إلى تفسير واضح للأحداث المؤلمة التي شهدتها سوريا وأعمال القتل والحرق والتخريب بأيدي أبناء الوطن .
وهذه الأفلام والألعاب بالإضافة إلى كونها تزيد العدوانية عندَ الطفل فإنّها تقتلُ الإبداعَ فيه, وتسبّب لهُ الخمول العقلي وحالة من الذهان النفسي (البلاهة) وينفصل الطفل عن واقعهِ لدرجة أنّه يصبح من الصعب تعليمه وتربيته وتأهيلهُ للحياة اللائقة , وهذا ما صرنا نلاحظهُ في مدارسنا فبغضّ النظر عن قدرة المعلّم على العطاء لاحظتُ في السنوات الأخيرة ازديادَ صعوبةِ ضبط الطلابِ في الصفّ بالإضافةِ للألفاظِ النابيةِ والتصرفاتِ الشائنة والعدوانية الزائدة , ومع ذلك نحنُ نتقبّلُ هذهِ التصرفات بحجّة عدم قتل شخصيّته وفقَ قواعدِ التربيةِ الحديثة التي نستمدّها من الغرب ونحاولُ أن نحاورهُ دونَ جدوى ودون أن نفكّرَ بقطعِ ارتباطهِ بمصادرِ التشويه , فلدينا مثلاً القناةُ التربوية السورية تشكّل منارة حقيقية رغم الحاجة لتكثيفِ برامجها ومدّها بأسباب الانتشار وتقنيّة الترويج الإيجابي .
وعلينا أن ندركَ أنّ التربيةَ المثالية هي تربيةُ الطفلِ بشكلٍ سويّ بحيثُ ينسجمُ مع ذاتهِ ويكونُ قادراً على أن يخرجَ أجمل ما فيها من إبداعاتٍ وقدراتٍ خلاّقة.
وعندما يشبّ الولدُ تأتينا أفلامُ اليافعينَ لتكملَ مسيرةَ تربيتهِ وقد كانتِ القناةُ الثانيةُ الأرضيةُ السوريّةُ تعرضُ أفلاماً غايةً في الروعةِ والتثقيفِ بعكسِ بعضِ المحطّاتِ التي تعرضُ أفلاماً منحرفةً مثل سلسلةِ
Scary Movie التي روّجت لكوميديا القتل , ليصبحَ القتلُ والذبحُ والتقطيعُ ليسَ أمراً عادياً وحسب بل ومدعاةً للضحكِ والسعادةِ , وهذه السلسلةُ أُنتِجَت كأفلامٍ كوميديةٍ عن سلسلةِ أفلامِ الرعبِ Scream التي ظهرَ فيها القناعُ المرعبُ وانتشرَ في الأسواقِ واستخدم للمزاح الثقيل الذي سبب جلطات وسكتات قلبيّة لدى البعض .
كما أنني وخلالَ السنوات القليلة الماضية التي سبقت اندلاع نار الخراب والدمار الممنهج في بلداننا تحت عنوان ربيع الثورات العربية لاحظتُ ظهورَ قنواتٍ تلفزيونيةٍ للتعارفِ تعرضُ أرقامَ هواتفِ الراغبين عبرَ أشرطةٍ متحركة أعلى وأسفل الشاشة وأرقام مميزة في الوسط أمّا الخلفية وهي الأهمّ تقوم بعرض متواصل لأفلام رعب قاتل خاصةً في الليل وقد تقوم في النهار بعرض أفلام أو مسلسلات مقبولة لتعطي المراهق أو المتابع تبريرا مقنعاً لمتابعتها أمام الآخرين, وربّما تقوم بتحوير صيغة طلب التعارف ليظهر كإعلان تجاري خاصةً في شهر رمضان , كما لاحظت تركيز هذه القنوات التي توالدت وتكاثرت بشكل سريع ومُلفت على المجتمع السوري خاصّةً , ومن خلال مراقبتي الخاصة لأحد المتابعين اليافعين أنّه بعد قرابة الشهرين من إدمانه على هذه القنوات أصبح تلقائياً يستمتعُ بقتلِ أو إيذاءِ القطط الأليفة بعد أن كان يخاف ويخشى أن يدوس نملةً أضف إلى ذلك العبء الأخلاقي والمادي الكارثي على أهله .
ولا ننسى سلسلةَ أفلامِ الانتقامِ SAW التي عُوقِبَ الناسُ فيها على تصرفاتهم السيئة بنفس طريقة ارتكابهم , أمّا الترويجُ للجنسِ بينَ المراهقين فنالَ حصّةً كبيرةً ليُصبحَ الشرفُ عيباً حيثُ تعتذرُ البطلةُ من البطلِ لأنها لم تسمح له بممارسةِ الجنسِ معها , وهو يتهمها بأنّها معقّدةٌ نفسياً , وتصبحُ من خسرت عُذريّتها تفتخرُ بفعلتها والشبابُ يتنافسون عليها .
نعم لقد سوّقت الماسونيّةُ للانفتاح الجنسيّ الغربيّ حتى أصبحنا نظنّ أنّ البلدانَ الغربيةَ هي عبارةٌ عن ملهى ليلي ممّا زادَ عداءنا للغربِ أو شراهتنا للسفر , ولكنني وجدتُ أنّ هذه الظاهرةَ منتشرةٌ في المدنِ الكبيرةِ في كلِّ أنحاء العالم , أمّا الأريافُ فمعظمها مجتمعات محافظة متديّنة تتمسّكُ بالعادات والتقاليدِ ومبدأ الشرف , ومقولةُ :(أننا شعوبٌ شرقيّةٌ) باطلة , بل نحنُ شعوبٌ تقليديّةٌ نتمسّكُ بالتقاليدِ الموروثةِ والقيم التي نعتزّ بها , ويوجدُ في العالم شعوبٌ أصيلةٌ مثلنا , وتحريرُ المرأةِ على الطريقةِ الماسونيةِ كان بتحويلها إلى سلعةٍ رخيصةٍ واستهلاكها داخلَ وخارجَ المنزل , وتفكيكِ الرابطةِ الزوجيّةِ والأسريّةِ , لأنّ المرأةَ ليست نصفَ المجتمع بل هي كلّ المجتمع وعمادُه , فالإنسانُ منذُ ولادتهِ حتى ما بعدَ المراهقةِ يكونُ مُتَعلّقاً بأمّهِ بشدّةٍ , وما تُعلّمهُ إيّاهُ يترسّخُ في ذهنهِ ولا يُصَدّقُ غيرهُ سيّما في طفولتهِ المُبكّرة , أي أنَّ عبءَ التربيةِ يقعُ على الأمّ , أمّا دورُ الأبِ بشكل عام في هذهِ المراحلِ ليسَ أكثرَ من التوجيهِ والضبط في حالِ خرجت الأمورُ عن سيطرةِ الأمّ , فإذا تمَّ تشويهُ المرأةِ انهارت الأسرةُ وانعكسَ التشويهُ على أهمّ مراحلِ بناءِ شخصيّة الإنسان .
وبعدَ أن يتمَّ تشويهُ أجملِ مرحلتين في حياةِ الإنسان وهما الطفولةُ والمراهقةُ )مع اعتراضي على المعنى السلبي لكلمة مراهقة في مجتمعنا) تتلقّفُهُ أفلامُ الكبارِ التي أصبحَ جاهزاً لاستيعابِ بذاءةِ ألفاظها وقذارةِ أبطالها , ويحاولُ التمثّلَ بهم فهناك الكثيرُ من الأفلام يكونُ أبطالها عبارةً عن مجرمينَ مسجونينَ أو مُختلّينَ نفسياً , تخرجهم الاستخبارات الأمريكية وتستخدمهم لإنقاذِ العالم وتخليصهِ من الأشرارِ مثل سلسلة أفلام XXX وفيلم Armageddon وخير مثال واقعيّ لمن تمَثّلَ هذا الفكر الجنرال الأمريكي اللبناني الأصل جون أبي زيد الذي كانَ من أهمّ قادةِ الحربِ على العراق عام 2003م وكان يُلقّب بالجنرال المجنون , ولن ننسى زيارةَ آرنولد شوارزينغر للعراق بعدَ احتلالهِ لرفعِ معنويّاتِ الجنود الأمريكيين وتعويم أهداف الأفلام في ذاكرتهم , وتجدرُ الإشارةُ أنّهُ في بعضِ الأفلام يظهرُ شخصٌ بشكلٍ عابر ويكون عربياً أو مسلماً أو من دولةٍ تعاديها أمريكا , ويحاول هذا الشخص القيام أو التحضير لعمل إرهابيّ ودون أن يكونَ لظهوره أيّة علاقة بأحداث الفيلم .
وبما أنّ الدين أفيون الشعوب ومعظم الناس يؤمنونَ بمجيء مخلّص البشريّة فإنّ أمريكا قدّمت هذا المخلّص على أنّهُ أمريكيّ أو ماسونيّ كما في سلسلة أفلام
Rambo وفيلم Independence Day وفيلم Tears Of The Sun وسلسلة الفتاة الإنكليزية Lara Croft Tomb Raider لأنجيلينا جولي سفيرة النوايا الحسنة بين قوسين لشؤون اللاجئين – السوريين- بينَ قوسين أيضاً , حيثُ ظهرَ في الجزء الأوّل منَ السلسلةِ بعض الرموز الماسونيّة والمجلس الماسونيّ.
Brave Heart
فيلم أمريكي تحدّثَ عن ثورةِ البطل وليم والاس الذي كانَ من مُحبي وأتباع الإيرل روبرت دي بروس والذي بعدَ موتِ والاس تعاونَ مع فرسانِ الهيكلِ لتنظيمِ جيشهِ وانتصرَ على الإنكليزِ , وقد استغلّتِ الماسونيّةُ هذا النصرَ وأسّست المحفلَ الماسونيّ الاسكتلندي أعرق المحافل الماسونية عالمياً ومنهِ وصلت إلى الملكة إليزابيث (1533-1603) التي كانَ عصرها عصراً ذهبياً للماسونيّة فهي مَن رسّخَت ودعمت البروتستانتيّة وأسّست الكنيسة الأنغليكانية مُتمرّدةً على سلطة البابا لتصبح بريطانيا في عهدها مصدّرة الماسونية إلى العالم.
نعم هذه هي الماسونية التي حاربت المسيحية بالمسيحيين كما تحارب الإسلام بالمسلمين الوهابيين والتكفيريين ومُدعي السلفيّة, وفي كلّ دولةٍ لها أتباعٌ يحاربون دينهم فكراً وقولاً وفعلاً .
إنّ كلمة ELIمعناها إله وإسمُ أليصابات Elisabeth أو إليزابيث بالإنكليزية حسب بعض المعاجم) أمّ النبي يحيى بن زكريّا عليهما السلام معناهُ : الساجدةُ لله أو إله القَسَم , وأتباعُ النبيّ يحيى إسمهم الصابئة Sabean , لذلك فإنّ الترجمة الحرفيّة لإسم فيلم The Book Of Eli هي كتاب الإله مع ملاحظة أنّ بطل الفيلم ذو الشال الفلسطيني في إشارة إلى (أورشليم) الذي يرمز به للمخلّص كانَ اسمهُ Eli وكانَ الصراعُ كلّهُ يدورُ حولَ نسخةِ الملك جيمس للكتاب المقدّس لتوضع في آخر الفيلم على رفّ مكتبة المهندس الأعظم المعتكف في جزيرة القطرس بين كتاب التلمود ونسخة من القرآن المترجم إلى الإنكليزية بينما تظهر النسخة العربية للقرآن الكريم على يسار الشاشة موضوعة فوق الكتب المصفوفة , وهي دلالة قد تبدو للوهلة الأولى دعوة إلى احترام جميع الأديان بينما في الحقيقة هي إشارة إلى أن الكتاب الذي يحمله بطل الفيلم (المسيح الجديد والذي أعادنا اسمهُ إلى أيّام النبي يحيى عليه السلام وكأنّ المسيح لم يظهر بعد ) هو الكتاب الذي يحمل الخلاص الحقيقي ويمكن إعادة الحياة إلى الأرض بعد الكارثة وتنظيمها وفق أحكامه ليحلّ السلام الأبدي , وبهذا أراد الفيلم أن يقول أن هذا القرآن وسواه من الكتب الموجودة بين أيديكم ليست بشيء ولا على شيء وستجلب الكارثة على البشرية , فإن أردتم النجاة وأن تكونوا من شعب الله المختار فإنّه سيأتي لإنقاذكم وإعادة شرعه المقدّس إلى الأرض , وبهذه الرؤية التي يقدّمها الفيلم ندرك المغازي الخبيثة لكثير من الأفلام التي جسدت حياة السيّد المسيح عليه السلام بشكل لا يراد به إلا إنكار نبوّته وكتابه وتزوير كل حقائق الأرض والسماء , وهنا نعود إلى طائر القطرس الذي يعتبر ملك الطيور أو ملك التحليق لأنّه يحلق في السماء لمدة طويلة لا يستطيع أيّ من الطيور مجاراته فيها ويستطيع أن يطفو على المياه ويأتي إلى اليابسة للتكاثر إنّه باختصار رمز للأب السماوي المهندس الأعظم على الأرض .
لقد اخترعَ الإنسانُ الأشكالَ الهندسيّةَ ليفهم الكون من حوله ,وكانَ لتطوّرِ الرياضيات والفيزياءِ والكيمياء تأثيرٌ كبيرٌ على تطوّرِ حياته , وفي الفيزياء تشكّلت نظريّةُ الاهتزازاتِ من خلالِ تثبيت وترٍ من طرفيه وعندَ النقرِ عليه تتشكّلُ بطونُ وعقدُ اهتزاز نتيجةَ تداخلِ الأمواج فإذا بنا نحنُ الوتر والماسونيّةُ تعزفُ علينا كما تشاءُ وترخي بنا وتشدّ كما تريد بينَ أحلامنا ومخاوفنا , أو نحنُ كما قالَ السيّدُ لعبدِهِ المصارع في فيلم Gladiator مُجَرّدُ ظلالٍ وغبار , والمشكلةُ أننا لسنا شعوباً لا تقرأ فقط بل أيضاً ننسى كثيراً (بحجّة طيبةِ القلب) ولا نسمعُ ولا نرى تتقاذفنا الغفلةُ من ضياعٍ إلى ضياع ومن مصيدةٍ إلى أخرى .
ليسَ منَ الشهامةِ أن تقول للأعورِ أنت أعورٌ بل يجب أن تساعده على رؤيةِ الأشياء وتبيانِ الأمور بشكلٍ أفضل, وهذهِ الرؤيةُ لا تكونُ إلا برفع العلماء وتكريمهم , كما فعل الصهاينة حينَ نصّبوا عالم الكيمياء حاييم وايزمن أوّلَ رئيسٍ لهم وبعدَ موتهِ عام 1952م عرضوا المنصبَ على آينشتاين ولكنّه رفضه , أمّا نحنُ في مفاضلات القبولِ الجامعيّ نقدّمُ الطبّ والهندسةَ لمردودها المادي الكبير ووجاهتها الإجتماعية على الرياضيات والفيزياء والكيمياء التي هي أساسُ كلّ تقدّمٍ وتطوّرٍ علمي وثورةٍ تقنية وصناعية .
على مرّ الزمانِ أحاطت الماسونيّةُ نفسَها بالرموزِ المختلفة والمستمدّةِ من أساطير الشعوب وثقافاتها لتدلّ على عراقتها ولتصنعَ تاريخاً لنفسها وقد ظهرَ ذلكَ جليّاً في الجزءِ الأولِ لفيلم National Treasure كما أصدرت الماسونيّة عبر مراكز بحثها ودراساتها متنوعة الاختصاصات كتباً بجميع اللغات زاخرةً بالشعاراتِ البرّاقةِ كالحريّةِ والإخاءِ والمساواة لتصطاد بها النخب المثقفة والكوادر الفاعلة في المجتمعات ليشكّلوا قنوات تمدّدها وتأثيرها وإيجاد المساحة اللازمة ثقافيا واجتماعيا لتكوين أسباب سيطرتها وبسط نفوذها في جميع مجالات الحياة , وفي المقلب الآخر من القيم والأخلاق فإن الماسون لم يتركوا عتباً عليهم في أسواق الفجور والفساد ونشر الرذيلة وتنظيم عصابات المافيا دون أن يكون لهم اليد المباشرة بادئ الأمر بل اختبأت وراء ستار المبادئ والقيم الحضارية ولبست فروتها المقلوبة , وللنساءِ الماسونيات دورٌ بارزٌ في هذا الإطار ولكن أظنّ أنّ تسيبي ليفني أبرزهنّ على الإطلاق فهي ليست مونيكا ولا مارلين مونرو أو سواهن وأمثالهن لكنها رئيسة وزراء ووزيرةٌ للخارجيّة تعترف جهارا بممارستها للدعارة والرذيلة مع ملوك وأمراء ومسؤولين عرب خدمة لمصالح بلدها وتفخر بذلك .
مخطئٌ من يعتقد أنّ إسرائيل تخلّت عن حلمها التلموديّ من الفرات إلى النيل وقد يُخيّل للبعض أن اتفاقية كامب ديفيد قطعت الطريق على هذا الحلم ولكن الحقيقة المرّة أنها أعطته مدىَ أكبر وقابليةً أكثر للتحقيق, فقد قام اليهود في عهد الرئيس المصري السابق بشراءِ وتملّك مصالح تجاريّة وعقاريّة وفنيّة كثيرة جداً ومساحاتٍ واسعةٍ من الأراضي الزراعية المصرية بشكل مباشر وغير مباشر , وكذلك بعد غزو العراق اشتروا العديد من الأراضي غصباً أو بالتراضي , وفي الأردن استأجروا غوره لمدة 99 عاماً لا ليعيدوه وأكملوا بعد اتفاقية وادي عربة ما بدأوهُ في مصر ويستمرّون اليوم بهذه السياسة تحت العباءة القطرية لفرض سيطرتهم على قناة السويس , ناهيكَ عن تغلغلهم في لبنان خلال حكومتي الحريري والسنيورة سيّما بعد إعادة القوات اللبنانية إلى مسرح الأحداث , وكذلك في سوريا باعَ بعضُ ضعافِ النفوس أملاكهم للأردنيين والخليجيين الذين باعوها سرّاً وسلفاً لإسرائيل , والغايةُ منَ العمليّة أنّهُ بعدَ انتصارِ الربيع العربيّ المزعوم تُقدّمُ إسرائيل الوثائق للأمم المتحدة وتستلمُ أملاك رعاياها بشكلٍ رسمي وقانوني , كما استلمت من بعض الفلسطينيين الذين باعوا أراضيهم وبيوتهم فنحن حسب القانون الدولي لا يمكننا طرد الصهاينة لأنهم أصحاب أرض , والقطريّ الآن يروّج لعمليّة تبادل الأراضي بين الضفة الغربية وأراضي 1967م وباسم الجامعة العربية وهنا أتذكرُ المثل الشعريّ القائل :
إذا غابت رجالُ الحيّ أمسى صبيّ القومِ يحلفُ بالطلاقِ
ويا ليتَ شعري ماذا سنسمع أيضاً عن بدائع أحفاد أبي جهل وأبي لهب في الجامعة العربية بغياب عروبتها مع تعليق مشاركة سوريا في اجتماعاتها, وأعتقد أنهم ما كانوا ليجرؤوا على طرحٍ كهذا بحضورِ حتّى ولو عنزةٍ شاميةِ واحدةٍ من القطعان الكثيرة التي هرّبتها إسرائيل , تلك العنزة التي ضربت التيس الماسوني في تلّ أبيب وقذفته ورمت بهِ تيساً حلوبا في إدلب لتتقاطر إليه أحفاد وآل ثاني فيتبرّكون ويتشافونَ بشعره وبولِهِ وبعره وحليبِ ....
ولمن لا يعلم فالعنزة الشامية تختلفُ عن الماعزِ الجبليةِ التي تشكلُ خطراً على الحراجِ فالماعز الشاميةُ ضخمة الحجم وترعى دونَ أذىً تقريباً ومدرّةٌ للحليب وتمتازُ بكثرةِ توائمها, وقد قام الصهاينة بتجارب لزيادةِ عدد توائمها ونجحوا في ذلك وربّما يخططون في المستقبل لإعطائها الجنسيّة الصهيونية كما فعلوا مع التبولة والفلافل .
أمّا الطيورُ الجارحة السورية فالحديثُ عنها طويل وذو شجون فالمعروف أنّ سوريا الموطن الأساسي لأندر الطيور الجارحة في العالم مثل العقاب السوري السنجاري )نسبةً إلى جبل سنجار( والذي لا يجرؤ طيرٌ أن يطير في السماء أو يتحرك على الأرض عندما يُحلّقُ , وهو لا يأكلُ الجيف ولا يأكلُ إلا صيده ولا يرضى إلا الفريسةَ الحيّة , ويصبر على الجوع ويُسمّى الطائر النبيل , وقد اتخذهُ السوريون شعاراً لهم منذُ القدم وهو الموجودُ على الشعاراتِ والنقودِ السورية وليس النسر كما يعتقدُ البعض .
أمّا بالنسبةِ للصقرِ السنجاري والنسر السوري الملكي والحدأة والباز والشاهين والباشق والعديد من الطيور الحرّة النادرة )ومنها الطير الحرّ الأبيض اللون( فقد انقرضت تقريباً حيثُ تمّ صيدها حيّةً وبيعها لسماسرة خليجيين وتهريبها خارج البلاد بشكلٍ ممنهج , وأيضاً الغزال السوري المميّز والجميل والنادر نالَ حصّتهُ , ولن ننسى الخيول العربيّةَ الأصيلةَ ذاتِ السلالاتِ العريقةِ التي لطالما تغنينا بها , حتى أنّ حاتم الطائي اعتبرَ أكرمَ العرب لأنّه ذبح حصانهُ الأصيلَ لضيوفه حينَ لم يجد ما يقدّمه لهم , وقد أصبحَ الغربُ يدّعي انتماءَ هذهِ الخيول لهُ , وما فيلم Hedalgo لـ إد هاريس وعمر الشريف إلا مثالٌ بسيطٌ على ذلك حيثُ في الفيلم انتصر حصانُ الموستانغ الهجين على الحصانِ الأصيلِ للأمير والفرس الأصيلةِ للمرأةِ الإنكليزيةِ التي حاولت الغشّ في سباقِ التحمّل لتكسبَ الرهان بأن تزاوجَ الفحلَ العربي مع فرسها , وقد تحدّث المسلسل السوري (الرحيلُ إلى الوجه الآخر) لأسعد فضة بشكلٍ خجول عن عمليّة سرقةِ وتهريبِ الخيول العربيّةِ الأصيلةِ من سوريّة .
الزنبقةُ السوداء رواية عالمية لألكسندر دوماس أثّرت في طفولتي كثيراً فالمخترع بطل الرواية يُذكّرني بالعلماء العرب, واللصُّ يذكّرني بالماسونية المستعدّة دائما لسرقةِ وقرصنة جهودنا وعقولنا وإبداعاتنا واكتشافاتنا وادّعائها لاحقاً , ففي أوروبا وأمريكا عدد كبير من العلماء العرب وخاصّةً السوريين الذين أسهموا في تطوّر الغرب , أمّا السجّانُ في الرواية فيذكّرني بالأنظمة العربية , وابنتُه الجميلة تمثّلُ الشعوب العربية الطيبة التي هي وحدها قادرةٌ على إنقاذِ ما ضيّعتهُ الأنظمة , ففي أمريكا قادت أوبرا وينفري حملةً لتبنّي مليون كلب شارد بينما يطلق وهابيو مصر حملة المليون لحية برعايةٍ مباشرة من سيّد البيت الأبيض , في حين تقتلنا المجاعات والحروب ولا أحد يتبنّي أبسط قضايانا ناهيك عن قضيّة فلسطين , بل وممّا زادَ الطينَ بِلّةً أنّ أمريكا التي تسيطرُ على صناعة وتجارةِ المخدّرات عالمياً صدّرت لنا في فورةِ الربيع العربي المزعوم عقاقير الهلوسة والمواد المخدّرة للعقول والتي تُخرجُ أسوأ ما في النفوس وتجعل ثوار الناتو كالثيران الهائجة ممّا اضطر مُشغليهم إلى إصدار الفتاوى الشرعيّة اللازمة لتبرير أفعالهم الشنيعة وترخيصها .
وعلى ذكر تلك العقاقير والموادّ فقد تذكّرت برنامجاً على قناة دبيّ الأولى تحدّثَ عن إعطاءِ الأبقارِ هرموناً لزيادة إدرارِ الحليب أضعافاً ولكنّ هذا الحليب المهرمن يُسبّب مرض السكّري عندَ الأطفال , وكذلك الحليب الذي يحوي مادة الميلامين المسرطنة والقاتلة والذي يذكّر بالبيضِ الذي صدّرتهُ إسرائيل إلى مصر بثمنٍ بخس وكان يسبّب العقم , كما أننا نستوردُ الذرةَ للأعلافِ وبسكويت الأطفال والنشاء ونكتب على العبوات أنّ المنتجَ خالٍ من الموادّ المُعدّلةِ وراثياً , فهل كنّا في بلدِ المنشأ وعاينّا الأمر , كما أنّ للأندومي حصّةٌ من الحديث فهي ممنوعةٌ في بعض الدولِ الأوروبيةِ لاحتوائها على منكّهات تسبّبُ قتلَ خلايا الدماغُ خاصّةَ الأطفال , ولا بدّ من أنظمةٍ صارمةٍ لمنع استيراد المنتجات الضارة والمسرطنة .
ومن خلال ما سبق يظهر لنا دور الإعلام الغربي الماسوني والذي استنسخَ منهُ إعلاماً عربيّاً يسيرُ في اللعبةِ الماسونيّة لينالَ درجة بروفيسور, فبالرغم من كلّ هذا القتل والتقطيع وتجارةِ الأعضاء والتدمير ازدادَ عددُ قنوات وبرامج الترفيه واكتشاف المواهب العربية , لأنّ الشعوبَ العربية ملّت الهتافَ والغناء لحكّامها ودواوين المديح تكفي لبناءِ سدّ أضخمَ من السدّ العالي في مصر وتلوين نهرِ دِجلةَ لعدّةِ سنوات , فكانَ من الواجبِ إيجادُ برامجَ لإلهاءِ الشعوبِ , كما أنّ للمتديّنين نصيبٌ وافر من محطاتِ التحريض الطائفيّ والمذهبيّ والعرقيّ المتعدّدة وكلنا يريدُ تطبيقَ مبدأ العينِ بالعينِ ولم نسمع ما قالهُ المهاتما غاندي : (لو طبّقنا مبدأ العينِ بالعين لأصبح كلّ من في الهندِ عميانا)
في عهدِ الرئيسِ الراحل جمال عبد الناصر طلبت الهندُ من مصرَ إيفادَ مدرسين إلى الهند, ولكن المدرسين المصريين رفضوا بحجّة التخلّفِ في الهندِ , والآن أصبحت الهندُ دولةً نوويّةً والأولى عالمياً في البرمجيات , في حين انشغل العرب بالصغائر أو بتأليف الكتب الدينيّة , فهل محبّةُ الله تحتاج إلى هذا الكمّ الهائل من الكتب والجدل العقيم .
ولابدّ أن أعرّجَ في معرض الحديثِ عن حريّةِ بعضِ وسائلِ الإعلامِ اللبنانيةِ التي خرقت كلّ قواعد الاحترامِ والأدبيّات بالإضافة للحديثِ الطائفيّ, في حينِ أنني لاحظت أنّ الإعلامَ السوري المتهم بالخشبية إذا رفع شخصاً ارتفع شأنهُ في العالم العربي , وإذا وضع شخصاً فلا توجدُ قدرةٌ لأيّةِ دولةٍ أن ترفعه إعلامياً , وطبعاً أنا لا أنكرُ حاجةَ إعلامنا للتطوير وأنّهُ بذلَ جهداً كبيراً خلال الأزمة لتطوير نفسهِ ونتمنّى أن يكمل طريقهُ بوتيرةٍ أعلى .
المشكلة عند الماسونية أنّ بستانَ الوجدان السوري غنيٌّ جداً بالأزهار العطرةِ والأشجارِ المثمرةِ ولكن في أيةِ أرضٍ لا بُدَّ من وجودِ بعضِ الأشواك والأعشابِ الضارّةِ.
وقد كان الراحلُ الكبير حافظُ الأسد بُستانيّاً بارعاً قرأ للعظماءِ واستفادَ من حكمَتِهم وتجاربهم , وساهمَ في تنميةِ الوجدان السوري العريق ليقفَ سدّاً منيعاً أمامَ أعاصير الماسونيّةِ , فإن سقطت سوريّة سقط الوطن العربيّ برمّتهِ , وهذا ما يدركهُ أصحابُ الفكرِ الخلاقِ على امتدادِ الوطنِ العربيّ والذين هتفوا للرئيسِ بشار الأسد مؤمنين بضربته الشهيرة لأحجار الدومينو الماسونيّة واثقين بنصرهِ المكين.
|
