نظرا للإشكالية المتداخلة لمفهوم المجتمع المدني وعلاقته بالعلمانية والدين فإن هذا البحث يركز بشكل رئيسي على توضيح مفهوم المجتمع المدني وأسسه ومقوماته فقد أشار البحث إلى مفهوم المجتمع المدني الذي لا ينفصل البتة عن أفكار العلمانية ومفاهيمها أو عن قيم الدين الصحيحة البعيدة كل العبد عن التدخل في سياسية المجتمع الاقتصادي والسياسية والاجتماعية والثقافة. يأخذ بالشكل الديمقراطي في النهج الحياتي للناس على المستويات كافة ومختلف الاتجاهات وهو مجتمع تسوده العدالة وتكافؤ الفرص للمجتمع فيأخذ من الدين التغيرات التي تخدم مصالح الناس ويعتمد على العقلانية كمبدأ عقلي في حل مختلف المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة التي نهم أبناء هذا المجتمع وهو مجتمع العدالة وتكافؤ الفرص الذي يساوي بين المواطنين جميعهم ويطرح سؤالاً ملحاً: هل بالإمكان قيام مجتمع مدني علماني ديموقراطي في واقعنا العربي؟ وما هي شروط هذا المجتمع؟ وما هي الأسس التي يقوم عليها ؟
وهل نحن بحاجة إلى مجتمع كهذا المجتمع ؟
لم يأخذ أي موضوع في العصر الحديث منذ نهاية القرن التاسع وحتى يومنا هذا نقاشاً وجدالا مثل إشكالية المجتمع المدني والصراع بين العلمانية والدين وبخاصة في مجتمعنا العربي، وإن كان هذا ليس ببعيد عن الصراعات التي حدثت في نهاية العصور الوسطى في أوربا بين الكنيسة والعلمانية، إذ ذهب كثير من الضحايا نتيجة وقوفهم تجاه سلطة الكنيسة، وحكم القساوسة والأساقفة وغيرهم من رجال الدين المسيحي.
وإذا نظرنا إلى المجتمع الإنساني بأسره، ونحن نعيش على أعتاب القرن الحادي والعشرين، نرى بأم أعيننا هذه التحولات والتغيرات والصراعات المذهلة بمختلف الاتجاهات وعلى المستويات كافةً، وبالتحديد التقنيات المتطورة والمتسارعة التي أحدثت معها ثورة في الطلب على مزيد من الحريات، والتفتيش على أنواع أخرى من الاستهلاكيات التي تجلب في طياتها أنواعاً كثيرة من الرفاهية والراحة على حد سواء وبالرجوع إلى تاريخنا العربي الإسلامي وما لحقه من ويلات وتمزقات واحتلالات كان في ظاهرها الدين، أما الحقيقة التي لا ينكرها أي متبحر في أحداث التاريخ يرى أن السبب الأول والأخير هو الاستبداد واستعباد الآخرين، والتحكم في رقابهم لمصلحة فئة قليلة تعيث فساداً باسم الدين تارة وباسم تخليص المظلومين تارة أخرى.
ولكي نكون مخلصين في دراستنا هذه، لا بد من إماطة اللثام عن ثلاثة مفاهيم واضحة بالحقيقة، غامضة لدى المستغلين والمنافقين والمفسدين الذين همهم الوحيد تسخير أي شيء في سبيل تحقيق مصالحهم والحفاظ على مناصبهم وزعامتهم، وهذه المفاهيم هي الدين، والعلمانية والمجتمع المدني، حيث يكون تركيزنا بشكل كبير على العلاقة التي تربط المجتمع المدني بكل من الدين من جهة، والعلمانية من جهة أخرى، وكذلك الإجابة عن السؤال الآتي: هل المجتمع المدني مفهوم أخر بعيد عن الدين وعن العلمانية على حد سواء ؟ ثم بعد ذلك نحاول جاهدين قدر المستطاع أن نثري دراستنا بالأدلة والبراهين التي يستند إليها كل من أصحاب الفكر الديني والداعين بأن الحكم في المجتمع ينطلق وينتهي من الفكر الديني وكذلك أصحاب الفكر العلماني الذي ينادون بأن حياة البشر وشؤونهم الدنيوية تختلف اختلافاً جذرياً عن النواحي التعبدية فلا يمكن للفكر الديني أن يتحكم بأمور الناس وشؤونهم الحياتية واليومية والاجتماعية وبخاصة أن الحياة في صراع وتغير وتطور مستمر، حيث تتطلب تفكيراً من نوع خاص من البشر يدير دفة حياتهم ويبرمجها بمنحنى أهدافهم ومصالحهم. ثم بعد ذلك سنسعى لعملية إيجاد نقاط تواصل وتلاق إن وجدت للتقريب عند وجود نقاط غامضة لكل من أصحاب الفكر الديني وأصحاب الفكر العلماني، إذ يمكن أن يكون ذلك سوء فهم كل طرف للآخر، وبذلك فإن دراستنا هي دراسة بحثية تحاول كشف اللثام عن قناع لإيقافه على ذلك أن يرى وجه الحقيقة.
بقلم: ألان فينكيلكروت
2013-09-29
المدرسة والتعليم... في عصر العالم الرقمي السائل والآني
المدرسة والتعليم... في عصر العالم الرقمي السائل والآني
بقلم: ألان فينكيلكروت
دعوت في 2007 ال....