حالة الطقس في كفربو |
|
 |
الاستفتاء |
|
 |
عدد زوار الموقع 
|
مقالات و أراء |
 |
|
 |
 |
 |
 |
 |
مصدر تاريخي |
2008-07-22 |
أول قصة حب موثقة بالكتاب المقدس |
 |
أول قصة حب موثقة بالكتاب المقدس
--------------------------------------------------------------------------------
يعقوب و راحيل
أول قصة حب موثقة بالكتاب المقدس
قد تكون قصة الحب الذي جمع بين قلبي 'يعقوب' و 'راحيل' كما يروي تفاصيلها سفر التكوين, هي أول علاقة حب رومانسي تربط بين قلبي شاب وفتاة متخذة المسار الصحيح وتتوج بالرباط المقدس رغم كل الصعاب والعقبات التي اعترضت طريق هذا الحب ورغم نهايتها المأساوية المبكرة بانتقال راحيل المفجع وهم في طريق عودتهم إلى ديار يعقوب, وتحطم قلب يعقوب وحزنه عليها بقية أيام حياته.
إن كان آدم وحواء قد عاشا سوياً في جنة عدن لفترة زمنية لم يحددها الكتاب, فهما بلا شك لم يختبرا معنى العاطفة الذي تجتذب الرجل للمرأة والعكس نظراً لغياب المشاعر الحسية أو على الأصح تعطل مفعولها بسبب حالة القداسة الفائقة التي كانا فيها حيث يقول الكتاب: 'وكانا كلاهما عريانان, آدم وامرأته, وهما لا يخجلان'.
لكن بعد أن سقطا, أصبح دوام الحالِ من المُحال كما يقال فيخبرنا الكتاب أنه: 'انفتحت أعينهما وعلما أنهما عُريانان' فحتماً عندها تحركت الغرائز وانجذب كلاهما للآخر (ليس هذا موضوعنا) لكن الشيء المؤكد أنهما قبل زواجهما لم يختبرا الرومانسية وتلك المشاعر الجميلة التي تسبق الزواج عادة بانجذاب أحدهما للآخر والتعلق به عاطفياً دون غيره لسبب بسيط هو أنه لم يكن لديهما فسحة من الوقت ليعيشا تلك التجربة بالإضافة لعامل مهم آخر وهو أنه لم يكن هناك غيرهما فوق سطح الأرض, أي لم يكن هناك غير رجل واحد وامرأة واحدة ولا خيارات أخرى سوى التأقلم مع هذا الوضع والانصياع للأمر الواقع.
بين 'آدم' و'حواء' و 'إبراهيم' و'سارة' حقبة زمنية ليست بالقصيرة لكن المعلومات المتوفرة عنها بسفر التكوين شحيحة ومقتصرة على الأحداث الرئيسية حيث لم يتطرق السفر إلى أي علاقات من هذا النوع خلال تلك الفترة, فلم يكن ذلك الغرض من تدوينه.
إبراهيم أب الآباء وسارة لم يختبرا هذه التجربة أيضاً, ربما كان بينهما مودة ومحبة قبل الزواج لكنها فيما يبدو كانت من نوع مختلف, تضاربت فيها المشاعر الأخوية بالمشاعر الحسية. فأمنا سارة كانت أخت إبراهيم غير الشقيقة. وزواجهما على الأرجح كان روتينياً ومرتباً له مُسبقاً حسب التقاليد السائدة في تلك الحقبة.
أبينا 'اسحق' وإن أحب زوجته الوحيدة 'رفقة' فقد أحبها بعد الزواج ربما بحكم العشرة وربما كان حباً حقيقياً نما وازدهر خلال سنوات زواجهما الطويلة, لكنهما لم يعرفا الحب الذي يسبق الزواج ويؤدي إليه. فاسحق لم تقع عيناه بالمرة على رفقة قبل زواجهما واجتماعهما كذلك هي ما رأته إلا بعد أن أصبحت زوجة له, ذلك أنَّ أليعازر الدمشقي عبد إبراهيم هو الذي خطبها وأحضرها له كما استحلفه سيده إبراهيم.
لذلك لا نجد إشارة واحدة لزواج قام على علاقة حب سابقة باختيار الطرفين مثلما حدث مع يعقوب و راحيل! ذلك الثنائي الرائع الذي يتجاهله الناس عندما يضربون الأمثال في الحب والعشق, والشعراء عندما يكتبون قصائد الغزل مشبهين الحبيب أو المحبوبة بجميل وبثينة, قيس وليلى, عنترة وعبلة مروراً بروميو وجولييت وانتهاء بكيت ونسليت و ليوناردو دي كابريو في التحفة الرائعة 'تيتانك', متجاهلين رائدي الحب الرومانسي الأولين في التاريخ المدون... راحيل ويعقوب.
يقول الكتاب: 'وأحب يعقوب راحيل' (تك 29: 18).
وفي موضع آخر: 'فخدم يعقوب براحيل سبع سنين. وكانت في عينيه كأيام قليلة بسبب محبته لها' (تك 29: 20).
ما أجملها وما أرقها من عبارة... 'وكانت في عينيه كأيام قليلة بسبب محبته لها' وكأن كاتب السفر يتأمل في تلك المحبة القوية التي أحبها يعقوب لابنة خاله الأثيرة معبراً عن مشاعر قلبه تجاهها, متعاطفاً معه, مشجعاً ومباركاً ذلك الحب الطاهر ليكون نموذجاً يُقتدى بين المحبين في الإخلاص والتفاني والتضحية من أجل المحبوب. بسبب تلك المحبة عانى يعقوب الأمريَّن فقد خدم لابان خاله خدمة شاقة نهاراً وليلاً عشرين سنة حتى أنه تذكر مرارتها عندما عاتب خاله لابان عتاباً قوياً بقوله 'كنت في النهار يأكلني الحر وفي الليل الجليد. وطار نومي من عينيَّ' (تك31: 40).
عشرون عاماً من الغربة والأعمال البدنية الشاقة احتملها يعقوب من أجل عيني راحيل وكأنها لا شيء؟! '
لابد أن راحيل كانت تستحق كل ذلك العناء!!
مما لاشك فيه أن راحيل أيضاً قد أحبت يعقوب حباً صادقاً عميقاً, ومما لا شك فيه أيضاً أن علاقة الحب تلك وأن كانت بشرية بحتة, إلا أنها كانت علاقة طاهرة منزهة عن أي غرض حسي وإن طال انتظارهما لأربعة عشر عاماً نتيجة عناد 'لابان' وجشعه لكنها ظلت علاقة حب شريف إلى أن تكللت بالزواج المبارك بين الحبيبين رغم زواج الخديعة الذي تم بتدبير لابان خاله, ورغم مرور سبع سنوات على زواجه بليئة شقيقة المحبوبة راحيل وإنجابها بنين له, إلا أن قلب يعقوب لم يتحول ولا خمدت جذوة حبه لراحيل بل ظلت متقدة تنير له درب الشقاء بنور الأمل.
كما لا يستطيع أحد أن يشكك في طهارة وقداسة أبينا البار 'يعقوب' وأمنا البارة 'راحيل', فيعقوب قد أحبه الرب 'أحببت يعقوب' وباركه واختاره أباً للأسباط ليأتي بالجسد من نسله المبارك, وظهر له مرات عديدة, أراه فيها من المواعيد والرؤى الكثير ومنحه من البركات أضعاف ما منح غيره لكن هذا لا يمنع أنه إنسانٌ له مشاعر وقلب يخفق ويحب, لذلك لم يعترض الله على ذلك الحب ولا عاتب عليه يعقوب ولا عاقبه عليه يوماً بل باركه في كل شيء.
|
|
 |
 |
 |
 |
 |
 |
 |
|
|