كانت تصحو على صوته يقول لها :
صباح الخير يا ألبي صحصحي و جهزي القهوة .
كأنه يعطيها مفتاح السعادة و يبث في الجو عطرا فيروزي و نغمات ربيعية فتقفز من سريرها كفراشة تحلق بين الزهور و ابتسامتها مشرقة كشمس الصباح ، تنظر الى نفسها في المرآة مزهوة ، تمشط شعرها بخفة و تتعطر بعطر لطيف كنسمة صيف في الصباح الباكر ثم تفكر للحظات ،
كم هي محظوظة لأنها فازت بحبه ، كم ناضلت لتحتفظ به ، و عندما كانت تخطئ كم كان يغضب منها ، لكنها كانت كالطفلة تفعل كل ما يخطر ببالها لمصالحته و جعله يسامحها و عندما يبتسم لها بحنان كانت ترقص كسمكة دلفين رشيقة تقفز فوق سطح الماء .
كان يجلس على الأريكة و هو مرتاح لوجوده معها متناسيا كل همومه و كله ثقة بأن حبها له هو أكسير حياتها و أنها لا تتمنى شيء في الدنيا سوى سعادته و الأطمئنان عليه ،
تأتي و هي تحمل صينية و ضعت عليها فنجانين و ركوة قهوة ، كانت رائحة البن تملأ المكان ألفة و محبة ، يراقبها دون أن تلاحظ و و يغمرها بنظرات حنونة ،
تجلس بجانبه و تسكب القهوة في فنجانه أولا ثم فنجانها ، يقدم لها سيجارة و يشعل لنفسه واحدة و يبدأ بينهما الحديث عن كل شيء و عن أي شيء ، يضحكان و يدندنان بعض أغاني فيروز ،
يخبرها بأفكاره تارة ، ببعض القصص عن حياته تارة ، و قصص عن أغاني السيدة فيروز و الرحابنة تارة أخرى و هي تصغي اليه كأنها تستمع الى لحن شجي .
و تمضي الساعة و أحيانا أكثر بلمح البصر و هما غارقان في حب هاديء و صداقة حميمة ، و يحين وقت الفراق فيلملم حاجياته التي تناثرت هنا و هناك بحرية ، هاتفه النقال ، علبة السجائر ،ولاعته و المفاتيح ، فتبدأ سعادتها بالتلاشي لأنها تدرك بأنها لن تراه حتى الصباح التالي و تصبح ساعاتها انتظار ،
رغم ذلك تودعه بابتسامة و دعاء ، لكنه كلما غادر كان ينسى شيئا من حاجياته ، و عندما تعود لمكان جلوسهما و تجده تحتضنه بين يديها و تعود اليها سعادتها و تستعيد كل لحظة تجمعهما لشرب فنجان قهوة .
2013-09-29
الوجود المجروح والخريف
الوجود المجروح والخريف
مرة أخرى يتآكل الخريف مع انسياب نغمات منجيرته
ويهدأ النهر ويتلكأ في مجراه القديم
وتتصاعد زفرا....