بين الحالم فواز وبين الينابيع سهول وجبال كثيرة وطريق وعرة طويلة يحتاج الزمن منه اياماً طويلة وربما سنين طويلة للوصول إليها
إن الينبوع الذي يبحث عنه فواز غريب وعجيب .. هو لايرشد أحداً إليه يحب التنقل وهو في حالة حركة دائمة وعليه أن يلاحقه من سهل إلى سهل ومن واد إلى واد .. وصعوبة إيجاده جعلت قلة من الناس تحاول العثور عليه إلا بعض التائهين وربما بعض المتشوقين ...
صادف فواز في طريق رحلته أحد الشيوخ ، كان جالساً على صخرة مرتفعة قرب نهر الموت فاقترب فواز وحيّاه قائلا :
سلام عليك أيها الشيخ الجليل إني أبحث عن ينبوع لا يهدأ وفي حضنه مياه تجري بسرعة البرق تذهب كيفما تشاء بدون أن تسأل الوديان أو الجبال .، لها ميزة اعتلاء قمة الجبال في لحظة ثم الانحدار إلى السهل المجاور ربما في سنوات وأحيانا في دهور فهي تحدد سرعتها وتملك قوتها في الصعود والارتقاء كما الانحدار ومع ذلك يمكن أن تفقد كل هذه الأشياء في غفلة من هذا الزمان
ألم تسمع بينبوع كهذا أيها الشيخ الجليل وهل استطاعت عيناك رؤيته ؟
فأجاب الشيخ بهدوء : ارجع من حيث أتيت أيها الرجل فحيثما يوجد وطنك تستطيع رؤية الينبوع الذي تبحث عنه
أجاب فواز باستغراب شديد :
لقد قضيت عشر سنين وانا أبحث عن مياهي وها أنت تقول إرجع إلى الوراء عشر سنوات وربما أكثر
يرد الشيخ قائلا : هناك تستطيع ضخ المياه التي تريد وتكون قادراً على تحديد اتجاهها وسرعتها ولاتحاول أن تبحث عن ينبوعك في مكان آخر ... إن المياه في مكان آخر عكرة والينابيع يجري في قاعها تيارات من الفساد وسرعان ماتنفذ مياهه التي تتدفق بطيئة أو ربما ضعيفة غير مستحقة الظهور من الينابيع الحقيقية
لقد كانت الينابيع فيما مضى تتفجر من الجبال أما الآن فقد أعدت من قبل ينابيع جديدة للظهور أمام العلن وتحمل معها قوتها من منبعها الجديد .. أتفهم ماقلته لك أيها الرجل ....
يجيب فواز : إن المعرفة أيها الشيخ الحكيم تزيد من عمر الحياة وتنقصها في الوقت نفسه
هاهي سنواتي العشر قد ذهبت في لحظة تأمل تقضيها أنت أيها الشيخ الحكيم على قمة هذه الصخرة ووببضع كلمات أتت سنوات عشر جديدة لي ودلتني على ينبوعي الحقيقي فعادت الحياة وزاد عمرها وزادت غلتها لدي ..
ولكن ماهو مستوجب علي القيام الآن فها أناذا قد عرفت وجهتي فماينقصني من اتمام مهمتي أيها الشيخ الحكيم :
عليك ان تسير وراء المياه الجارفة ولاتحزن على ماقد دمرته في طريقها من طبيعة أو انسان فإن كل مالم يعد من قبل لهذا الفيضان غير مستحق الصمود ولاحتى الظهور بعد الفيضان ...
يجب أن تكون تعتاد أيها الرجل الاعتلاء عن الحواجز والارتقاء عنها بسرعة وجرأة كبيرتين لئلا تعترض مياهك وتمنع طريقها
يقاطع فواز : وهل تجلس على هذه الصخرة المرتفعة تفادياً لهذه المياه حتى لا تجرفك معها وتصبح من التاريخ أم أنك مثلي صانع للحياة وتتأمل الآن فيما قد أعددت لفيضان آخر وجريان آخر ..
يجيب الشيخ الحكيم : صدقت أيها الرجل ولكني مع ذلك احب النظر للأشياء من فوق وينبوعي الذي أعددت رفعني إلى مرتبة الشرفاء والذين يتوقون للاعتلاء
ثم غادر فواز صديقه الجديد وحيّاه ثم قال في نفسه :
يبدو أن هذا الشيخ لم يسمع صوت ينبوعي ولم يعرف أن فيضاني سيجرفه ويجرف مياهه معه
إن مياهي لن تفرق بين صغير وكبير بل إنها سوف تسحق كل ما يعترض طريقها من جواجز آيلة للسقوط وإنسان آيل للزوال
ماراكامس
2013-09-29
الوجود المجروح والخريف
الوجود المجروح والخريف
مرة أخرى يتآكل الخريف مع انسياب نغمات منجيرته
ويهدأ النهر ويتلكأ في مجراه القديم
وتتصاعد زفرا....