حالة الطقس في كفربو |
|
 |
الاستفتاء |
|
 |
عدد زوار الموقع 
|
همسات |
 |
|
 |
 |
 |
 |
 |
حسين يوسف عباس |
2010-07-15 |
زينة الفكر |
 |
يتهيبُ الإنسان كثيراً قبلَ أن يمسك اليراع ليخطَ بعض السطور التي يضمنها ما يدورُ في خلده , وما يعتملُ في وجدانه , ليس خوفاً من طرح رأيه أو نثر أفكاره على الورق. لأنَّ حرية التعبير حق يصونه القانون وتبيحه الشرائع , وإنما حرصاً على صوابية الرأي
وشفافية الأفكار , لأنَّ كلَّ رأي لا يصبُّ في خدمة الوطن رأيٌ ضال وكلُّ فكر لا يساهم في تحرير المجتمع من الجهل ولا يغني ثقافة البناء والتطور والخروج من الدوائر المظلمة الضيقة , فكر مخربٌ هدام لا يستحق حتى مجرد الوقوف عنده, مثله كمثل البذرة الفاسدة في أرض خصبة تنبت فتملأ الأرض أشواكاً وتحول وجهها النضير إلى وجه تأنف العين أن تلتفت إليه , وطبعاً لا يصدر الرأي المصيب إلا عن الفكر النظيف المرتكز على قاعدة المحبة والانفتاح على كلِّ البشر سواء أكان متفقاً معهم أم مختلفاً في وجهات النظر وتقدير الأمور لأنَّ نظرية الانغلاق والتمترس وراء الخصوصيات الفردية , نظرية ضعيفة إن لم نقل فاسدة, لأنها لا تثمر إلا الشقاق, ولا تلد إلا الكراهية ولا تؤدي إلا إلى الجهل والفساد , فمن يحاور الناس يشاركهم في عقولهم ومن يشاركهم في عقولهم يستطيع أن يبني معهم نسيجاً فكرياً متماسكاً وصرحاً اجتماعياً متيناً لا تهزه الرياح ولا تحنيه العواصف .
فالأفكار السليمة كالأبدان السليمة عندما تتلاقح تنجبُ مولوداً سليماً لا تهدده المورثات المرضية فينمو بشكل طبيعي قوياً معافى من كلِّ تشويه أو علة .
وكما أنَّ الأرض لا تحرثها إلا السواعد الفتية كذلك البنيان الاجتماعي لا تشيده إلا العقول الكبيرة المتعالية على الصغائر المترفعة عن التفاهات وسفاسف الأمور. فاستقلالية الرأي لا تعني إطلاقاً عزله عن محيطه الخارجي وحرمانه من التفاعل معه بل على العكس تماماً لا ينضج رأيٌ أو يستقيم فكرٌ إلا بالحوار والتفاهم واحترام الرأي الآخر انطلاقاً من مبدأ التشاركية الثقافية التي هي أهم وأعظم من أي شراكةٍ أخرى لأنَّ الاستبداد بالرأي هلاكٌ محتم والاستعانة بذوي الألباب طريقٌ للرشد ومفتاح لباب المعرفة التي هي خلاصٌ للمجتمعات البشرية من كلِّ الآفات والعلل, وشفاءٌ لها من جميع الأمراض الفكرية السارية والمعدية.
وما من أمة بلغت سدرة المجد وتربعت عرش الحضارة بفردية الرأي , بل بجماعية الرأي وتفاعلية الأفكار, لأنَّ العقل البشري مهما اتسعت رحاب معارفه يبقى ناقصاً ولا يعوض هذا النقص إلا العقول المفكرة المتأملة التي ليس لآفاقها نهاية ولا لإبداعها حد .
ونحن إذ نتطرق لهذا الموضوع نجد لزاماً علينا أن نتوجه إلى كلِّ من يقرأ أفكارنا وطروحاتنا بتحية المحبة مؤكدين أنَّ دافعنا إلى الكتابة هو مدُّ الجسور بيننا وبينهم بغية التلاقي وفتح باب الحوار على مصراعيه والاستفادة من نتاجاتهم الفكرية التي هي موضع تقدير واحترام وإجلال عندنا , فمعاً إلى بناء صرحنا الفكري على أساس الإخلاص للوطن ولقائد الوطن, والوفاء لكلِّ العقول التي زينت الفكر الإنساني بأجمل وأعظم الدراسات والإبداعات , وعمت إشعاعاتها المضيئة هذا الكوكب الأرضي الذي يدين لها بكثير من الأبحاث والاختراعات .
عن جريدة الفداء منوعات
الاثنين : 2009/11/2
|
|
 |
 |
 |
 |
 |
 |
 |
|
|