حالة الطقس في كفربو |
|
 |
الاستفتاء |
|
 |
عدد زوار الموقع 
|
همسات |
 |
|
 |
 |
 |
 |
 |
حاوره محمد محفوض |
2010-09-16 |
حوار مع شاعر البادية عمر الفرّا |
 |
لقاؤه لم يكن عادياً , فأنت عندما تجتمع به لا تلتقيه فحسب , بل تجتمع بشخوص قصائده مجتمعين في عينيه وفي سكنات فؤاده , لهجته البدوية الممزوجة برائحة الهال وطعم القهوة العربية كفيلة بإحياء الشعر الشعبي الذي لا يتقنه سواه بشهادة عدد كبير من النقاد والكتاب ومحبي الشعر الشعبي .
يعتبر نفسه فرداً مقاتلاً يوجد على كل الجبهات التي تقاتل العدو الصهيوني وفي كل مناسبة يتذكر قول القائد الخالد حافظ الأسد عنه بأن ' شعر عمر الفرّا يعادل فرقة دبابات ' ويؤكد على دور الشعر في المعركة قائلاً : ' قديماً كان الشعراء يذهبون مع الجيوش الفاتحة ليشحذوا من عزيمة الجنود والمقاتلين ' لذلك فالشعر ديوان العرب ولا تترك العرب الشعر حتى تترك الإبل الحنين . إنه الشاعر السوري عمر الفرّا ابن البادية السورية , مواليد تدمر (1949) , الذي ألهج لواعج صدورنا بقصائده وصوته الدافىء فكان لنا معه الحوار التالي :
متى بدأ الشعر لدى عمر الفرا ؟
عندما كنت صغيراً كان والدي ( رحمه الله ) يعزف على الربابة ويغني العتابا ، لم يكن شاعراً لكنه كان متميزاً بأداء القصيدة البدوية وهذا ما كان يميز أهالي قريتنا ' أبو رباح ' في بادية تدمر السورية.
في عام 1959 رحلنا إلى مدينة حمص واستقرينا بها وتحقق لي ما كنت أحلم به , ألا وهو قراءة الشعر والقصة ,فكنت أذهب إلى دار الثقافة آنذاك , لأني لم أكن أمتلك ثمن الكتاب , فكنت أقرأ فيها بالمجان , وبين الحين والآخر كان بعض الشعراء يقدّمون فيها أمسيات شعرية فكنت أحضرها وأصغي إليهم ,فشعرت أن هذا الكلام سهل علي , وأنني أقدر على كتابة مثل هذا النمط الشعري , فأيقنت حينها أنني سأصبح شاعراً في يوم من الأيام , فكانت بداية الشعر عندي في الصف الثاني الإعدادي عام 1964 وبدأت كتابة الشعر الفصيح والمقفى ,وكانت القصيدة الأولى .. قلت فيها :
ولقد رأيت حبيبتي بعد السهر
ترنو بطرف ناعس نحو القمر
والورد كلّلها بعاطر طيبه
وبدت كظبي جالس بين الزهر
فدنوت منها صامتا فتبسمت
وجلستُ قرب حبيبتي تحت الشجر
وتكلمت بدلالها وحيائها
نار الهوى في أضلعي لا تستقر
فطلبت منها قبلة فتلعثمت
ودنت وقالت ذاك عيبٌ يا عمر
ما العلاقة التي تربطك ببدر شاكر السيّاب؟
عندما وصلت في دراستي المرحلة الثانوية كان مقرراً ضمن المناهج التي نتعلمها قراءة بدر شاكر السيّاب , وهذا اللون الذي كتبه كان جديداً, وكان معظم زملائي لا يحبون شعر السيّاب , و أذكر أن أستاذنا و يدعى عبد الكافي البوّاب وهو ابن مدينة حمص كان يشدد على دراسة السيّاب حتى أن أحد الطلاب نتيجة تذمره من ذلك كتب على السبورة لهذا الأستاذ عبارة “ لن نحفظ شعر السيّابِ يا عبد الكافي البوابِ “ وحقيقة أحببت السيّاب لأنه يكتب من جرح الحياة والإنسانية وهذا يؤلمني كثيراً.
ما سبب إقبالك على كتابة الشعر الشعبي ؟
تأثري بوالدي و البيئة التي نشأت فيها , ووجود الربابة في بيتنا وفي كل بيت من بيوت المنطقة التي ترعرعت فيها والتي تشكل بحد ذاتها قصة حياة. فكل يوم تجري أحاديث البادية والعشق والحرب في البيوت.
والشعر الشعبي أو البدوي حينها فَعَلَ فِعل النار في الهشيم , فكل بيت فيه تسجيلات لي على مستوى سورية والأردن والعراق ,فكان أول ظهور لي على شاشة التلفزيون في سورية في برنامج شبيبي وكان يقدمه آنذاك د. رياض نعسان آغا (وزير الثقافة حالياً).ومن ثم استقطبني التلفزيون الأردني وأُجريت مقابلة لي فيه لمدة ساعة ونصف وأُعيدت في شهر واحد ثلاث مرات, ومن ثم طلب إلي العمل كمقدم برامج في التلفزيون العراقي فلم أقبل , وعندما عدت إلى سورية تقدمت لمسابقة المذيعين في التلفزيون السوري ونجحت في جميع مراحلها لكن لم يحالفني الحظ أن أعمل أما بقية زملائي الذين لم يكونوا أفضل مني التحقوا بالعمل حينها عرفت السبب كوني ( مقطوع من شجرة ) .
أين تكمن قوة الشعر لديك ؟
القوة تكمن في صدقه وفي مضمون القصيدة , وأنا معروف عني بأنني صاحب القفلة القوية أي ( الخاتمة ) والتي كان يتميز بها عمر أبو ريشة , وكان لديه قفلات صاعقة . إضافة إلى الحدث , وقصيدة القصة, والتي كان يتميز بها عمر بن ربيعة وامرؤ القيس , وأنا بطبيعتي أعشق قصيدة القصة بكل مفرداتها والتي لا يمل المتلقي من سماعها وملاحقة كلماتها ومن ثم تأتي القفلة.
هل أنصفك الإعلام العربي عموماً؟
عادة وللأسف لا يُكرم الشعراء والمبدعون إلا بعد وفاتهم , و في المرحلة الحالية يكفيني المكسب الجماهيري عبر بعض الفضائيات العربية ,ولا أدري لماذا أنا مغيبٌ عن شاشة التلفزيون السوري ولم يعد يذكرني على العموم , وهذا لا يشكل لدي مشكلة وهم أحرار في ذلك ..
كيف قيّم النقّاد تجربة عمر الفرّا ؟
لدينا قسمين من النقاد حقيقة , فبعضهم كان منصفاً ويكتب وينتقد باتّزان وهؤلاء أحترمهم , والبعض الآخر تشعر أن في كلامه حقداً وكراهية تجاه الناجح وللأسف , وهؤلاء لا أعطيهم أية أهمية.
قصيدة ( حمدة )هل أثرت في المجتمع العربي ؟
كل القصص والقصائد التي أرويها هي من الواقع ,لكن يدخل فيها خيال الشاعر , وأنا لا أروي القصة تماماً , إنما أرويها على شكل أمنيات وأحاديث وخلجات النفس , وطبعاً القصيدة أثرت بشكل إيجابي في المجتمع , حيث أذكر منذ سنوات ليست ببعيدة أن إحدى الفتيات من قرى حمص أرادوا تزويجها لابن عمها فرفضت وقالت أن لست أقل من حمدة , وكان للقصيدة مردود جيد وكبير ,وهنا كلمة قلتها وأقولها للناس :
أنا كنت ومازلت وسأبقى دائماً وأبدا
أنا معكم بما شئتم أنا معكم وهذا الشعر لي ولكم
لأجل عيونكم أحيا لأجل قلوبكم قلمي
وزفرة واحدٍ منكم تمزقني من الألمِ
لكم حبي لكم قلبي لكم شعري ووجداني
وأفكاري أقسمها فنصف للتي أهوى وأنتم نصفها الثاني
لاحظنا في الآونة الأخيرة إلقاءك لقصائد المقاومة في مناسبات عدة , ترى ما الرابط الذي يربطك بهذه القصائد ؟
الأمة العربية تعاني مرارة النكبة منذ عام 1948 و جاء هذا الرجل سماحة السيد حسن نصر الله الذي حقق انتصارات على إسرائيل . وفي عام 2000 كنت قد كتبت قصيدة ( رجال الله ) ولم تأخذ صداها إلا في الانتصار عام 2006 على مستوى الوطن العربي ,وفي كل مناسبة كنت أتمنى أن أقابله ,إلى أن قدمت أمسية شعرية بعد انتصار تموز بالضاحية الجنوبية ببيروت , فجاءني خبر أن سماحة السيد يرغب في مقابلتي , وحينها قال لي أنه تابعني فيها بشكل جيد واستوقفته قصيدة ( الفجر) التي قلتها :
علم الحروب دراسة من عندهم
قل لي فديتك من أتاكَ وعلمك؟
بل أنت قد أدركت سر قيادِها
فكما رغبت تريدها فتكون لك
ما أنت إلا سيف خالد ظامئ
هاو على اليرموك ينهل واشتبك
ما أنت إلا ذو الفقار بخيبر
دكّ الحصون وفيصل في المعترك
فضحك حينها وقال للحاضرين ( فضحنا عمر الفرّا ) .
هل من كلمة أخيرة ؟
في ختام حديثي أود أن أهدي قصيدتي هذه إلى سيد الوطن الرئيس الدكتور بشار الأسد حيث قلت له ذات يوم :
لأنك منّا أتيت إلينا
بياناً مبينا رجاءً معينا
توحدت فينا شقيقاً أمينا
لتحمي ثرانا وتحمي العرينا
وقد كنت فينا فؤاداً وعينا
ومرساة مينا وعِقداً ثمينا
لأنك كنت الزعيم المقاوم
وأعطيت عهداً بألا تساوم
وصنت العهود وصنت المحارم
فلسطين عندك مهوى القلوب
تؤدي إليها جميع الدروب
نصرت العراق نصرت الجنوب
وأصبحت رمزاً لكل الشعوب
لهذا وذاك رفعنا لواكَ
عقدنا لقاكَ وجئنا فداكَ
وقلنا نحبك ..
٭ أجرى الحوار : محمد محفوض
عن جريدة العروبة الحمصية 27-4-2010
- سورية
|
|
 |
 |
 |
 |
 |
 |
 |
|
|