هناك مقولة شائعة وهي أن كيد النساء عظيم، وربما تعود الى وجود المرأة في عالم الرجال، وقد وردت في القرآن الكريم على لسان عزيز مصر في قصة يوسف.
وتوارثت الأجيال الكثير من القصص والأمثال التي تتحدث عن كيد النساء مثل 'كيد الرجال هد جبال، وكيد النساء هد الرجال' فليس هناك كيد أعظم من كيد النساء، والحديث عن كيد النساء لا أعتبره هجوماً ولا انتقاصاً من قدر حواء، بل دفاعاً وإنصافا، وأكثر من ذلك فأنا اعتبره مديحاً واعترافاً بقدرات النساء وبذكائهن وحنكتهن، خصوصاً عندما يعمدن الى التخطيط والتدبير والتكتيك، فقد تفوقن على بني آدم من الرجال في كل العصور والأزمات وإن كان هناك حروب أو منافسة بين الجنسين فإن كثيراً من الرجال أعلنوا الاستسلام واعترفوا بأن كيد النساء عظيم ولديهن ذكاء وحنكة ومقدرة عجيبة على قلب الحقائق وعلى التلون بألوان الطيف، ولديهن القدرة على إشعال الحروب وإطفائها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الذكاء والدهاء، وإن من يشاهد (دلال) في مسلسل 'أهل الراية' يدرك كم أن كيد النساء كبير وواضح.
من القصص والحكايا
ومن القصص الكثيرة عن كيد النساء حكاية ذاك الرجل الذي لم يؤمن بهذا الكيد فكتب على دكانه عبارة 'كيد الرجال أعظم من كيد النساء' فقرأتها فتاة حسناء، واغتاظت وأرادت أن تلقن صاحب الدكان درساً لن ينساه ويجعله يؤمن بأن كيد النساء أعظم، فابتسمت له وتلفت بخمارها خجلاً، فأعجب بها لدرجة أنه طلب يدها للزواج. فقالت له إنها ابنة القاضي وأن والدها قد لا يوافق على زواجها منه وما عليه إلا أن يصر على طلبه. وهكذا كان ووافق القاضي مستغرباً من الرجل وإصراره على الزواج من ابنته العمياء الصماء القبيحة.
وبعد إتمام الزواج أنصعق الرجل من هول المصيبة، فهذه ليست الفتاة التي أحب، ولكنه خشي من غضب القاضي لو تراجع في كلامه وطلقها، إلى أن أقبلت عليه الفتاة فسألها لم فعلت به هكذا، فأجابته أنها أرادت أن تثبت له أن كيد النساء هو الأعظم. كما أنها تستطيع بكيد النساء أيضاً إخراجه من ورطته واقترحت أن يجلب راقصات ليرقصن أمام القاضي ويقول له إنهن أخواته. وكان الأمر وعندما رأى القاضي ذلك استنكره وخشي على سمعته وطلب منه أن يطلق ابنته.
أما القصة الطريفة الأخرى عن كيد النساء فتقول إن سيدة وجدت المصباح السحري وعندما خرج خادم المصباح عرض عليها ثلاث أمنيات واشترط عليها أن يحصل زوجها على عشرة أضعاف كل أمنية، وبدون تردد وافقت السيدة وطلبت أمنيتها الأولى بأن تكون أجمل سيدة في العالم، وحذرها خادم المصباح بأن زوجها سيصبح أجمل منها بعشر مرات غير أنها لم تبال.
وطلبت في أمنيتها الثانية أن تصبح أغنى سيدة في العالم وزوجها سيصبح أغنى منها بعشر مرات، أما أمنيتها الثالثة فطلبت أن تصيبها أزمة قلبية بسيطة لاتميت إلا إذا تكررت!!
رأي الرجال
بعد سرد هذه القصص أردنا أن نطلع على بعض آراء الرجال في موضوع كيد النساء فهل هو موجود فعلاً وهل هو بالمعنى السلبي أم الايجابي، أي هل هو ذكاء وحنكة أم أنه غيظ وشر، سؤال حاولنا الاقتراب من جوابه.
يقول محمد (موظف): إن كيد النساء حقيقة نلمسها في واقعنا وحياتنا كثيراً. فالمرأة تستطيع بكيدها قلب الحقائق وتغيير الوقائع وتأليف القصص وتغيير النتائج. وهو ايجابي إذا كان ماتقوم به لايؤذي ولايضر، أما إذا كان يهدف لتشويه سمعة أو اساءة فهو كيد أقرب الى الغيظ والشر والتلفيق، وهو يكون مكيدة لاكيد.
يصادق على كلامه (حازم) ويضيف: إن دلال في مسلسل أبي الحسن هي أصدق صورة عن كيد النساء السلبي، فالشر الذي تحمله جعل من ذكائها ودهائها كيداً شريراً وهنا أقول إن المرأة التي تحب وتفقد هذا الحب تجعل من الحبيب عدواً لابد أن تنتقم منه فتكيد له لتوقعه في المصائب قدر إمكانها.
رأي النساء
أما رأي المرأة صاحبة العلاقة بالموضوع فكان على الشكل التالي:
معظم النساء ترى أن موضوع كيد النساء هو ايجابي اذا كان ماتقوم به لايؤذي أحداً ولايسبب مشكلات اجتماعية، وحتى لو كان سلباً فهو يحتاج الى الذكاء والدهاء والتفكير والعقل الراجح وهذا يدحض مقولة بعض الرجال بأن المرأة بنصف عقل.. لأنها تحتاج لعقل ونصف كي تستطيع إنجاز المكائد والحيل وتدبير أمورها.
أخيراً:
سواء كان كيد النساء حقيقة أم كان أسطورة، فهو موجود في المجتمع ومؤكد بروايات وقصص وحكايا كثيرة، بل يمكن القول إن كل مشرق شمس يحمل معه قصصاً جديدة تولد عن كيد النساء..
ولكن هل اقتنع معشر الرجال بكيد النساء؟.
جريدة الفداء صفحة مجتمع
الأحد: 19-9-2010
2013-09-29
الوجود المجروح والخريف
الوجود المجروح والخريف
مرة أخرى يتآكل الخريف مع انسياب نغمات منجيرته
ويهدأ النهر ويتلكأ في مجراه القديم
وتتصاعد زفرا....