حالة الطقس في كفربو |
|
 |
الاستفتاء |
|
 |
عدد زوار الموقع 
|
همسات |
 |
|
 |
 |
 |
 |
 |
مخلص حمشو |
2010-11-01 |
من المعالم الشعبية العريقة في حماة سوق الطويل .. سوق المنصورية |
 |
سوق المنصورية ( الطويل) في حماة يمثل رمزاً أثرياً هاماً, كما يمثل روح البلد وتراثها لأنه كنز حاضن لجماليات الحياة الشعبية فهو بحق اختزال صادق لجوانب هامة من تراث شعبنا وقيمه وتقاليده وثقافته.
وكم افتتحت من أسواق لكن سوق المنصورية يبقى المقصد الأبرز والأهم لأهل البلد والسياح يبقى كالذهب العتيق تزداد قيمته كلما أوغل في الزمان وتعاقبت عليه السنون ففيه عبق الأيام والشهور والسنين..
وقد أنشأه الملك المنصور محمد بن الملك المظفر تقي الدين عمر الأيوبي المتوفى 1220م وكانت وفاته في قلعة حماة ودفن في تربة أبية في الجامع الأعلى وهو الذي بنى جسر المراكب, ومن أثاره أيضاً حمام السلطان, كما كانت له عناية كبيرة بإعمار حماة والنظر في مصالحها.
انحصر النشاط التجاري لمدينة حماة في مركزين اثنين هما ( السوق) و(الحاضر ) ومما يجدر ذكره أنه سمي جزء المدينة الواقع بالجهة الجنوبية من نهر العاصي باسم ( السوق ) نسبة إلى هذا السوق, ذلك أن توسع المدينة في هذه الجهة قد حدث بعد بناء السوق, أما القسم الآخر من المدينة الذي يقع على شمال النهر فقد سمي( الحاضر) لأن البدو يحضرون إليه يومياً مع بضاعتهم المتعلقة بالمواشي ومنتجاتها.
كان سقف سوق المنصورية معقوداً ولقد أزيل في مطلع القرن العشرين واستبدل بسقف معدني من التوتياء وبذلك ضاع جزء من القيمة الأثرية له.
وفي سوق المنصورية ثلاث خانات هي خان الصحن وخان الجمرك وخان الحنة, وقد شيدت هذه الخانات على طراز يؤمن راحة المسافرين ويحافظ على بضائعهم.
أما حمامات سوق المنصورية فكانت ذات طراز شامي بديع, وكانت تستمد مياهها من نهر العاصي بواسطة النواعير, وقد اندثر معظمها ولم يبق منها إلا ثلاث حمامات تؤدي وظيفتها التقليدية إحداها حمام العثمانية وتقع في زقاق الطوافرة الأثري, كما يوجد في سوق المنصورية حمامان : الحلق والأسعدي وكانتا تستمدان مياههما من ناعورة المأمورية.
وأما المساجد في سوق الطويل فهي ثلاثة: جامع الجديد في أول السوق ناحية المرابط وجامع الأشقر في منتصف السوق وجامع الشيخ ابراهيم في رأس السوق من جهة الشمال.
كان سوق الطويل يعكس الوضع الاقتصادي والوطني والاجتماعي بل وحالات الفرح والحزن لمدينة حماة, كنت ترى فيه لوحات فنية رائعة حتى لكأنها تبدو وقد رسمتها ريشة الخيال وبخاصة عندما ترتد الذاكرة إلى الأيام الخوالي التي مازالت تعيش في القلب, وتتذكر الحكايا عن أناس ذلك الزمان الذين ماعرفوا غير الحب والحميمية والشهامة والنخوة, وراعوا الأهل والجار والديار, كنت تسمع في سوق الطويل منذ الصباح الباكر صرير المفاتيح وهي تفتح أقفال أبواب الدكاكين التي كانت من الخشب ثم صارت من التوتياء الملفوف, وكان أصحاب الدكاكين يحضرون باكراً لفتحها بعد صلاة الصبح بوقت ليس بكثير وكانت هذه الأبواب خشبية من ثلاث درفات, وكانت أرض كل دكان تعلو عن مستوى أرض السوق بمصطبة, وكانت هذه المصطبة تستر بالحصير أو السجاد حسب الوضع المالي لصاحب الدكان, وبعد فتح الدكان كانت تكنس الأرض أمامها ثم ترش بالماء ويعمر صاحب المحل أركيلته ويجلس على كرسي القش قبالة المحل يرد السلام على جيرانه والمارة, وكنت تسمع الصوت يلعلع (يافتاح ياعليم يارزاق ياكريم!أصبحنا وأصبح الملك لله) ويمر القهواتي يطرطق فناجينه أيضاً ويعلم بالطبشور على الجدار بحذاء المحل كالسواس الذي يطرطق بطاسات النحاس أيضاً ويشخط بالطبشور على حائط المحل ليحاسب بنهاية الأسبوع ويأخذ الجمعية.
ولم يكن مستغرباً أن تلحظ إنساناً يجلس على كرسي على قارعة الطريق في قلب السوق والحلاق يحلق له ذقنه أو يقص له شعره. وكان يمر بعض البهاليل في سوق الطويل يعرفهم الجميع وينادونهم ويعطفون عليهم ويمازحونهم, كان يمر رجل اشتهر باسم ( أبو صطيف عفشة) ينادي على الأموات بطريقة مؤثرة ( وين اللي زرع ماحصد! وين اللي حصد ماطحن!) كانت السوق تعكس حالة البلد والأمن أيام الانتداب الافرنسي, كما كان السوق لكثرة مداخله واتصاله بأحياء وأزقة ودروب عديدة ملجأً آمناً لكل من يفر ويهرب من رجال الشرطة والفرنساوي أو ممن يلاحق كان الحارس الليلي يقطع دروب السوق جيئة وذهاباً طوال الليل ويتفقد أقفال المحال, كما كان يقوم بتوصيل المارة في ساعات متأخرة من الليل إلى بيوتهم المجاورة.
كان أهل السوق متحابين متكافلين متضامين بالفرح والحزن والمصيبة والتهنئة والعزاء, وكنت ترى الزينات والأنوار في مناسبات الأعياد الوطنية والدينية.
وكم من فكاهات ونوادر ومقالب كان يرويها الناس في مجالسهم على المقاهي و في سهراتهم ومسامراتهم من سوق الطويل وخاصة عن الشيخ بدوي كليب والحاج عبدو اللاظ وغيرهما.
أيام مضت ولكن مازالت تعيش في البال وتجول في الخاطر وتثير الضحك كما تثير الدمع شوقاً لتلك الأيام وأهلها الطيبين ومجتمع المحبة والمودة والحميمية.
وقد سمعنا أن مجلس مدينة حماة, وفي إطار التنسيق مع المعهد العربي لإنماء المدن, قد وضع اقتراحاً لإنجاز دراسات لمشاريع حيوية وتنموية منها إحياء سوق الطويل الأثري بمظهر حضاري وتراثي يليق بالقيمة التاريخية لهذا المعلم الأثري, فأين وصل هذا الاقتراح؟ سؤال نطرحه على الجهات المسؤولة وكلنا أمل في سماع جواب مفرح عن السوق.
عن جريدة الفداء الحموية صفحة المجتمع
الاثنين: 18-1-2010
|
|
 |
 |
 |
 |
 |
 |
 |
|
|