مع التطور الكبير والسريع في جميع مجالات الحياة تنوعت وسائل الإعلام وتيسرت للجميع فمنها المرئي ومنها المسموع ومنها المقروء, ويشرف على هذه الوسائل جهات مسؤولة تتحرى المصداقية والشفافية وتقوم بالتحقيق والتدقيق والتمحيص قبل نشر أية معلومة أو خبر, وتقوم بنقله للقارئ أو السامع أو المشاهد بشكل واضح ومفهوم وبالوقت المناسب وقد يحصل أحياناً أن ينشر خبر يساء فهمه أو يكون غير واضح بتفصيلاته وتأويلاته فتقوم الجهات المسؤولة بالتصحيح والتوضيح أو الاعتذار أحياناً إذا كان هناك خطأ ما.
لذلك فإن الطبقات المتعلمة والمثقفة والواعية تستقي الأخبار والأنباء المتعلقة بجميع مجالات الحياة من وسائل الإعلام الرسمية والمسؤولة إلا أن هناك فئات من الناس تتسم بالطيبة والبساطة ومحدودة العلم والثقافة تستقي أخبارها من أقوال الناس وتعتمد على مبدأ ( قال فلان وسمعت من علان) وتصدق كل ما يقال حتى لو كان هذا الخبر مخالفاً) للعلم والعقل والمنطق والواقع, وتقوم بنشر هذا الخبر بحسن نية ودون التأكد من صحته أو مصدره, لا بل يقوم البعض على ( تبهيره) والمبالغة فيه بحيث ( يعمل من الحبة قبة) ويتولى نشره تطوعا وكأنه يقوم بعمل خيري لا يقصد من ذلك إلا الأجر والثواب بينما الواقع أن نقل ونشر أي خبر مهما كان صغيراً أو (بسيطاً) دون التأكد من صحته من مصادر موثوقة إنما هو عمل مستنكر أدبياً وأخلاقياً وشرعاً وقانوناً لما يسببه نشر مثل هذه الأخبار المغلوطة أو العارية عن الصحة من بلبلة وفوضى وإرباكات وإحراجات وضياع للوقت والجهد والمال.
وعندما ينتشر الخبر الكاذب أو ما يسمى ( الإشاعة ) فإنها تسري بين الناس كسريان النار في الهشيم, ويصعب وقف انتشارها وبيان عدم صحتها, وعلى مبدأ ( إذا جن ربعك ما عاد ينفعك عقلك) والأمثلة كثيرة.
فقبل سنوات عديدة انتشر خبر مفاده أن الذهاب للحج مسموح للجميع للكبير والصغير وبدون جواز سفر أو تأشيرة أو رسوم وبجميع وسائل المواصلات من الدراجة الهوائية وحتى الطائرة مروراً بالطرطورة والسيارة والشاحنة ثم تبين أنه لا صحة لهذا الخبر ولكن متى..؟ بعد أن وصل المغرر بهم لبلدة طريف على الحدود السعودية وليطلق عليهم فيما بعد ( حجاج طريف).
وبعدها بسنوات انتشر خبر عن تيس يدر حليباً يشفى من جميع العلل والأمراض والأسقام عجز الطب والأطباء عنها وأخذ الناس يشدون الرحال إلى شمال شرق سورية لرؤية هذا التيس العجيب الغريب وليتباركوا بلمسه ولينعموا بقطرة حليب من حليبه الشافي المعافي الذي يغني عن أرقى وأفضل وأحدث الأدوية, وتأكد لهم فيما بعد أنه ( ليس الذكر كالأنثى).
وبعدها بسنوات أيضاً( انتشر خبر عن رجل أعلن أنه سيطير وسيحلق في الفضاء بدون أجنحة وحدد موعداً لذلك فانطلق الناس لرؤية هذا الحدث البعيد عن المنطق واجتمعوا بأعداد كبيرة ليتبين لهم فيما بعد أن الإنسان مخلوق يمشي على الأرض ولا يطير في السماء.
بعدها بسنوات كذلك سرت شائعة عن زلزال قادم من شمال سورية وما على الناس إلا مغادرة بيوتهم والسكن في البراري والقفار لاتقاء شر هذا الزلزال فغادر الناس بيوتهم محملين بما خف وزنه وغلا ثمنه وانتظروا من الصباح حتى غياب الشمس وانقضى النهار و( لازلزال ولاهم يحزنون) وليعلموا بعد ذلك أن الزلازل تأتي فجأة وأن أرقى الدول وأكثرها تطوراً لم تستطع أن تتنبأ بحدوث الزلازل إلا قبل ثوان من حدوثها.
ونظراً لخطورة الخبر الكاذب ( الإشاعة) وتأثيرها السلبي قالوا:
( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل مايسمع) وقد أمرنا الله تعالى بالتحقق والتحري عن صحة الخبر قبل نقله ونشره فقال الله تعالى في كتابه العزيز ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيَّنوا... ) صدق الله العظيم.
مجتمع- عن جريدة الفداء الحموية في سورية
الثلاثاء : 15-12-2009
2013-09-29
الوجود المجروح والخريف
الوجود المجروح والخريف
مرة أخرى يتآكل الخريف مع انسياب نغمات منجيرته
ويهدأ النهر ويتلكأ في مجراه القديم
وتتصاعد زفرا....