في عالم سيطرت عليه الآلة وكثرت فيه أجهزة التحكم ، في عالم باتت السرعة فيه سيفاً لا يرحم ، في عالم فقد الأحاسيس والمشاعر ... قررت أن أتكلم عن العواطف الضائعة.
كيف لك أن تعرفني ما لم تتركني أبوح عن عواطفي ومشاعري، كيف تقول أنك تحبني وأنت لا تصغي إلى ما في داخلي؟ كيف تريد أن أنمو واكون سعيداً وأنت تدفعني إلى كبت أجمل ما لديّ من أحاسيس؟ كيف تريدني أن أظهر على حقيقتي وأنزع عن وجهي القناع وأنت لست مستعداً لأن تقبلني كما أنا؟
إذا كنت تريد فعلاً أن تساعدني وتقف إلى جانبي فأرجو منك أن تختلي إلى ذاتك بهدوء وتجيب على أسئلتي هذه:
- هل تخاف أن تكشف عن ذاتك لي كما هي؟
- هل تريد حقاً أن تعرف ما في عمق مشاعرك؟
- هل أنت على استعداد لتصغي إلى حقيقة ما تقول لك مشاعرك مهما كانت؟
- هل تقبل بأن تعيد النظر في رؤيتك لنفسك؟
- هل أنت قادر على الاعتراف بالنقص الذي فيك أم تشعر بالعجز عن قبول ذلك النقص؟
- هل أنت جدّي في بحثك عن الحقيقة؟
- هل أنت قادر على اتخاذ قرار حاسم بشأن أبوابك المغلقة والمحصّنة؟
أنا لا أريد أن أبقى في القاع بل أريد أن أخرج إلى السطح وأنمو وأشعر بالنسيم وبدفء الشمس وبرائحة الياسمين، لا أريد أن أخسر عواطفي... قبولي لذاتي... احترامي لنفسي... الفرح بوجودي وقيمتي ومكانتي لديك.
إذا كنت تريد أن تعرف عني فاصغِ إلى مشاعري فهي في كل مرة تظهر تحاول أن تقول لك شيئاً عني. لا أريد بعد اليوم أن أشك في قدرتك على فهم ما أشعر به ، لا أريد أن يؤثر ذلك على نظرتي إلى ذاتي وقبولي لذاتي بفرح وارتياح. لا أريد أن أخشى من أن تستعمل ما أظهره لك من مشاعري لتنتقم مني أو لكي تنفر مني وتبتعد عنّي. أريد أن أخرج من زنزانتي المظلمة، من ألمي الأعمى، من معاقبتي لذاتي. أريد أن أتحمل مسؤولية كل ما أشعر به وكل ما أحسّ به في داخلي من دون أن أتجمّد خوفاً من ردة فعلك ومن ملامتك وربما من سخريتك وعدم اهتمامك.
بين أن أكون إنساناً صادقاً مع نفسه وآخر يهرب من حقيقة ذاته ... أفضل الخروج واللعب في النور ... لا أريد أن أكون مزيّفاً ... أريد أن أكون شفافاً كماء نبعٍ صافٍ لا يخاف أحد من مائه.
عواطفي ... مشاعري ... أحاسيسي ... لا أريد أن تضيع في زوايا قلبي المظلمة ... أريدها حرة ... ولن أخاف بعد اليوم منها لأني لن أتألم منها بل على العكس سوف أتعلّم منها ومن كل خبرة عاطفية سأمّر بها.
سأخاطر وأبوح لك بها كلها ... بوحشتي وضعفي ومخاوفي من الحياة ... بفقري وكل صحارى عالمي ... أعدك بأني سوف أضع بين يديك عمق ذاتي وحقيقة حياتي ولن أتردد بأن أضحّي بكل شيء لكي تتعرف عليّ وتحبّني ... أريد أن أرفع يدي نحو السماء لأتنعّم بدفء الشمس ونورها ... سأقول للسماء والأرض ... للشجر، للقمر، للنجوم كم هي حلوة وجميلة ... سأرقص معك مع المغيب ... سأرقص معك الليل كلّه ... سأشكر الله عليك وعلى كل شيء وأضع ذاتي بين يديك وأنام...
كُتب بقلم حبره الكثير من الحب والإلهام ...
2013-09-29
الوجود المجروح والخريف
الوجود المجروح والخريف
مرة أخرى يتآكل الخريف مع انسياب نغمات منجيرته
ويهدأ النهر ويتلكأ في مجراه القديم
وتتصاعد زفرا....