قال رجل ثريّ: حدِّثنا عن العطاء..
إنك تعطي القليل حين تعطي مما تملك،
فإذا أعطيت أعطيت من ذاتك حقا
وهل ما تملك سوى أشياء ترعاها وتحرسها خشيه أن تحتاج إليها في غدك؟
وهل الخوف من الحاجة إلا الحاجة نفسها؟
بعض الناس يعطى القليل ومما عنده كثير
أولئك يعطون تباهيا بالعطاء فتذهب نياتهم المستورة بطيبات عطاياهم
وبعضهم يملك القليل ويجود به كله،
أولئك هم المؤمنون بالحياة وما فيها من خير فلا تفرغ خزانتهم أبداً
بعضهم يعطي فرحاً وفرحته جزاؤه
بعضهم يعطي ما بدا وفي مكابدته تطهير له
بعضهم يعطي ولا يحس مكابده ولا يلتمس فرحاً ولا يدري أن العطاء فضيلة
على فيض أمثال هؤلاء تتجلى كلمة الله
ومن خلال عيونهم تشرق بسماته على الأرض
ثم قالت امرأة حدثنا عن الفرح والحزن..
إنما فرحكم حزنكم
وقد رفع عن وجهه القناع،
وما أكثر ما تمتلئ البئر التي تستقون بها بفيض دموعكم
وكيف يكون الأمر غير ذلك؟
فعلى قدر ما يغوص الحزن في أعماقكم يزيد ما تستوعبون من فرح
أليست الكأس التي تحمل خمركم هي نفسها الكأس التي احترقت في أتون صنع الفخار؟
أليست القيثارة التي تسكن إليها نفوسكم هي نفسها قطعة الخشب التي حفرتها السكين؟
يقول الناس: 'الفرح اسمى من الحزن'
ويقول أخرون: 'الحزن أسمى'
ولكني أقول: إنهما لا ينفصلان
ثمّ تقدم إليه ناسك يزور المدينة مرة كل عام وقال: حدثنا عن المتعة
فقال المصطفى: المتعة أنشودة الحرية
ولكنها ليست الحرية نفسها، إنها رغباتكم تتفتح أكمامها
لكنها ليست ثمارها
إنها عمق ينادي العلا
ولكنها ليست العميق ولا العلى
بل هي ذلك الذي احتبس في قفص، ثم اتخذ جناحاً، و ليست فضاء تكتنفه حدود
وحسبي إنما المتعة أنشودة الحرية..
عن 'النبيّ
2013-09-29
الوجود المجروح والخريف
الوجود المجروح والخريف
مرة أخرى يتآكل الخريف مع انسياب نغمات منجيرته
ويهدأ النهر ويتلكأ في مجراه القديم
وتتصاعد زفرا....