لماذا أصبح الذهب ذا قيمة؟!
أليس لأنّه نادر ولا يُستعمل لمصلحة مباشرة،
ولأنّه وديع في لمعانه،
ويبذل نفسه في كلّ حين؟!..
لم يبلغ الذهب أسمى مراتب الأشياء القيّمة إلا لأنّه رمز لأسمى الفضائل،
فعين المُعطي المتهلّل كالذهب،
ووهج الذهب رسول السلام بين النيّرين.
إنّ أسمى الفضائل نادرة ولا نفع منها،
فهي تتوهّج بنورها الهادئ،
وليس بين الفضائل ما يفوق فضيلة العطاء المجانيّ...
لاشك أنكم تطمحون، مثلي، إلى فضيلة السخاء..
تريدون أن تحوّلوا نفوسكم إلى هبات وعطايا،
وإلا لكنتم أشبه بالذئاب.
إنكم تتعطّشون إلى حشد جميع الكنوز الظامئة أبداً إلى العطاء.
إنكم تجذبون ما لديكم ليتسرّب إلى داخلكم، فيتفجّر ينبوعكم بها، كأنها هبة من محبّتكم..
إنّ رجاءنا يرتقي إلى الأعالي..
لذلك نرتعش باشمئزاز عندما نسمع من يوّد تملُّك كلّ شيء!
هل الروح فينا هي رمز للجسد، وهي تطمح إلى الارتقاء نحو الأعالي؟..
إن الجسد يقطع مسافات التاريخ بكفاحه،
ولكن ما تكون الروح من الجسد يا ترى، ما لم تكن المذيع لكفاح الجسد وانتصاراته؟!
ما الجسد إلا الصوت، وما الروح إلا الصدى الناجم عنه...
تنشأ هذه الفضيلة عندكم عندما يعجز المدح والذمّ التسلل إلى عواطفكم،
فتطمح إرادة الإنسان فيكم إلى السيادة على كلّ شيء.
تنشأ فضيلتكم عندما تحتقرون الترف والفراش الوثير،
وعندما لا تجدون راحةً إلا بعيداً عن مواطن الراحة!
تنشأ فضيلتكم عندما تنصبّ إرادتكم على مقصد واحد،
وعندما يصبح هذا التحوّل في آلامكم ضرورة لا يسعكم التحوّل عنها...
حقّاً، إنها لفضيلة جديدة تمنح الإنسان قوّة وتبعث فيه عزماً...
نقلاً عن كتاب 'هكذا تكلّم زرادشت'
2013-09-29
الوجود المجروح والخريف
الوجود المجروح والخريف
مرة أخرى يتآكل الخريف مع انسياب نغمات منجيرته
ويهدأ النهر ويتلكأ في مجراه القديم
وتتصاعد زفرا....